صفحة رقم ٥٣٩
) بغير الحق ( فأشعر أن السرور لا ينبغي إلا إذا كان مع كمال هذه الحقيقة، وهي الثبات دائماً للمفروح به، وذلك لا يكون إلا في الجنة ) وبما ) أي وبسبب ما ) كنتم تمرحون ) أي تبالغون في الفرح ما الأشر والبطر والنشاط الموجب الاختيال والتبختر والخفة بعدم احتمال الفرح.
ولما كان السياق لذم الجدال، وكان الجدال إنما يكون عن الكبر، وكان الفرح غير ملازم للكبر، لم يسبب دخول النار عنه، بل جعله كالنتيجة لجميع ما مضى فقال :( ادخلوا ) أي أيها المكذبون.
ولما كان في النار أنواع من العذاب، دل على تعذيبهم بكل نوع بذكر الأبواب جزاء على ما كانوا يخوضون بجدالهم في كل نوع من أنواع الأباطيل فقال :( أبواب جهنم ) أي الدركة التي تلقي صاحبها بتكبر وعبرسة وتحبهم ) خالدين فيها ) أي لازمين لما شرعتم فيه بالدخول من الإقامة لزوماً لا براح منها أصلاً.
ولما كانت نهاية في البشاعة والخزي والسوء، وكان دخولهم فيها مقروناً بخلودهم سبباً لنحو أن يقال : فهي مثواكم، تسبب عنه قوله :( فبئس مثوى ( دون أن يقال : مدخل ) المتكبرين ) أي موضع إقامتهم المحكوم بلزومهم إياه لكونهم تعاطوا ما ليس لهم، ولا ينبغي أن يكون إلا الله يقول الله تعالى :( الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعنيهما قصمته ) ولم يؤكد جملة ) بئس ( هنا لأن مقاولتهم هذه بنيت على تجدد علمهم في الآخرة بأحوال النار، وأحوال ما سببها، والتأكيد يكون للمنكر ومن في عداده، وحال كل منهما مناف للعلم، وزاد ذلك حسناً أن أصل الكرم من الأعلم للسر الذي تقدم - ثلى الله عليه وسلم فبعد جداً من التأكيد.
ولما كان هذا في الجزاء أعظم الشماتة بهم، فكان فيهم أعظم التسلية لما جادلوه وتكبروا عليه، سبب عنه قوله :( فاصبر ) أي ارتقاباً فيهم أعظم التسلية لمن جادلوه وتكبروا عليه، سبب عنه قوله :( فاصبر ) أي ارتقاباً لهذه النصرة، ثم علل بقوله مؤكداً لأجل تكذبيهم بالوعد :( إن وعد الله ) أي الجامع لصفات الكمال ) حق ) أي في نصرتك في الدارين فلا بد من وقوعه، وفيه أعظم تأسية لك ولذلك سبب عنه مع صرف القول إلى ما يأتي الاعتراض إشارة إلى أنه لا يسأل عما يفعل، قوله تعالى :( فإما نرينك ( وأكده ب ( ما ) والنون ومظهر العظمة لأنكارهم لنصرته عليهم ولبعثهم ) بعض الذي نعدهم ) أي بما لنا من العظمة مما يسرك فيهم من عذاب أو متاب قبل وفاتك، فذاك إلينا وهو علينا هين.


الصفحة التالية
Icon