صفحة رقم ٥٦٢
الثامنة يكون الفتح الحقيقي بعشرة آلاف مقاتل أكثرهم دارع لا يُرى منهم إلا الحدق، حتى خالوا بياض لأمهم السراب، فظنوا بهم غاية العذاب، فكانوا رحمة، وعاد رأوا السحاب فظنوه رحمة فكان عذاباً ونقمة، ووصفها بالنحس مبالغة مثل رجل عدل ليدل على أنها كانت قابلة لانفعال الجسد وما كان فيه من القوى بهذه الريح، وهو مصدر جمع لاختلاف أنواع النحس فيها - هذا على قراءة الجماعة بسكون الحاء، وأما قراءة ابن عامر والكوفيين بكسر الحاء فهي صفة من فعل بالكسر مثل : فرح فهو فرح، وأول هذه الأيام الأربعاء في قول يحيى بن سلام، وقال غيره : وما عذب قوم إلا يوم الأربعاء ) لنذيقهم ( وأضاف الموصوف إلى صفته على المبالغة من وادي رجل عدل فقال :( عذاب الخزي ) أي الذي يهيئهم ويفضحهم ويذلهم بما تعظموا وافتخروا على كلمة الله التي أتتهم بما رسله، وصف العذاب بالخزي الذي هو للمعذب به مبالغة في إخزائه له ) في الحياة الدنيا ( ليذلوا عند من تقيد بالوهم ) ولَعذاب الآخرة ( الذي أعد للمتكبرين ) أخزى ) أي أشد إخزاء كما قالوا : هو أعطاهم للدراهم وأولادهم للمعروف، وأكد لإنكارهم له.
ولما انتفت مدافعتهم عن أنفسهم، نفى دفع غيرهم فقال :( وهم ) أي أصابهم هذا العذاب وسيصيبهم عذاب الآخرة والحال أنهم ) لا يُنصرون ) أي لا يوجد ولا يتجدد لهم نصر أبداً بوجه من الوجوه.

فصلت :( ١٧ - ٢١ ) وأما ثمود فهديناهم.....


) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُواْ أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( ( )
ولما أنهى أمر صاعقتهم، شرع في بيان صاعقة ثمود فقال :( وأما ثمود ( وهم قوم صالح عليه الصلاة والسلام ) فهديناهم ) أي بينا لهم طريق الهدى من أنا قادرون على البعث وعلى كل شيء فلا شريك لنا، وكان بيان ذلك بالناقة غاية البيان فأبصروا ذلك بأبصارهم التي هي سبب أبصار بصائرهم غايه الإبصار، فكرهوا ذلك لما يلزمه من الناشئ عن عمى اليصر أو البصيرة أو هما معاً ) على الهدى ) أي أوجدوا من الأفعال والأقوال ما يدل على حب ذلك وعلى طلب حبه فعموا فضلوا، وقال القشيري : قيل :


الصفحة التالية
Icon