صفحة رقم ٥٦٨
ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنهوروى البخاري عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي اله عنهما والنسائي عن أبي هريرة وحده رضي الله عنه والبخاري أيضاً عن أبي أيوب رضي الله أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله تعالى (.
وفي رواية النسائي :( ما من وال إلا وله بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالاً، فمن وقي شرها فقد وقي، وهو إلى من يغلب عليه منهما ( ورواية البخاري عن أبي أيوب نحوها.
ولما أخبر بخسرانهم، دل عليه بما عطف على ما أرشد إليه السياق من تقديره من وقولي : فأعرضوا - أي هؤلاء العرب - وقالوا - هكذا كان ألأصل ولكنه قال تنبيها على الوصف الذي أوجب إعراضهم :( وقال الذين كفروا ) أي ستروا ما دلتهم عليه عقولهم من الحق ) لا تسمعوا ) أي شيئاً من مطلق السماع ) لهذا القرآن ( تعييناً بالإشارة احترازاً من غيره من الكتب القديمة كالتوارة، قال القشيري : لأنه يغلب القلوب ويسلب العقول، وكل من استمع له صبا إليه ) وألغوا ) أي أهذوا من لغي - بالكسر يلغى - بالفتح - إذا تكلم بما لا فائدة فيه ) فيه ) أي اجعلوه ظرفاً للغو بأن تكثروا من الخرافات والهذيانات واللغو بالمكاء والتصدية أي الصفير والتصفيق وغيرهما في حال تلاوته ليقع تاليه في السهو والغلط، قال القشيري : قالوا ذلك ولم يعلموا أن من نور قلبه بالإيمان وأيد بالفهم وأمد بالبصيرة وكوشف بسماع السر من الغيب، فهو الذي يسمع ويؤمن، والذي هو في ظلمات جهله لا يدخل الإيمان قلبه، ولا يباشر السماع سره.
) لعلكم تغلبون ) أي ليكون حالكم حال من يرجى له أن يغلب ويظفر بمراده في أن يميل إليه أحد، أو يسكت أو ينسى ما كان يقول، وهذا يدل على أنهم عارفون بأن من سمعه ولا هوى عنده مال إليه وأقبل بكلتيه عليه، وقد فضحوا أنفسهم بهذا فضيحة لا مثل لها، وذلك لأنهم تحدوا به في أن يأتوا بشيء من مثله ليعدوا غالبين فلم يجدوا شيئاً يترجون به الغلب إلا الصفير والتصفيق ونحوه من اللغو في معارضة ما علا من أعلى ذرى الكلام إلى حيث لا


الصفحة التالية
Icon