صفحة رقم ٥٧٤
ويحتملون المكاره، وكرر إظهار البناء للمفعول للتنبيه على أنه لا قدرة عليها أصلاً إلا بتوفيق الخالق بأمر وطني يقذفه وحياً تظهر ثمرته على سائر البدن، فقال دالاً باعادة النافي على زيادة العظم وعلى لأن أصحاب هذه الخصلة على رتبتين كب رتبة منها مقصودة في نفسها ) وما يلقّاها ( على ما هي عليه من العظمة ) إلا ( وأفرد هنا بعد جمع الصابر على ندرة المستقيم على هذه لخصلة ) ذو حظ ) أي نصيب وقسم وبخت ) عظيم ) أي جليل في الدنيا والآخرة عند الله وعند الناس.
ولما كان التقدير : فأن لقيت ذلك وأعاذك الله من الشيطان فأنت أنت، عطف عليه قوله معبراً بأداة الشك المفهمة لجواز وقوع ذلك في الجملة، مع العلم بأنه ( ﷺ ) معصوم إشارة إلى رتبة الإنسان من حيث هو إنسان وإلى أن الشيطان يتوهم مع علمه بالعصمة أنه يقدر على ذلك فيعلق أمله به، وكأنه لذلك أكد لأنه نزعه له في محل الإنكار ) وإمّا ( ولما كانت وسوسة الشيطان تبعث على ما لا ينبغي، وكان العاقل لا يفعل ما لا ينبغي إلا بالالجاء، شبه المتعاطي له بالمخنوس الذي حمله النخس على ارتكاب ما يضر فقال :( ينزغنك ) أي ينخسنك ويطعننك طعناً مفسداً فيحصل لك تألم ) من الشيطان ( البعيد من الرحمة المحترق باللعنة.
ولما كان المقام خطراً لأن الطبع مساعد للوسواس، جعل النزغ نفسه نازعاً إشارة إلى ذلك فقال :( نزغ ) أي وسوسة تحرك نحو الموسوس من أجله وتبعث إليه بعث المنخوس إلى الجهة التي يوجه إليها، فإن ينبعث إلى تلك الجهة بعزم عظيم ) فاستعذ بالله ) أي استجر بالملك الأعلى واطلب منه الدخول في عصمته مبادراً إلى ذلك حين نخس بالنزعة فإنه لا يقدر في أول الخطرة، فإنك إن لم تخالف أول الخطرة صارت فكرة فيحصل العزم فتقع الزلة فتصير قسوة فيحصل التمادي - نبه عليه القشيري.
ولما كانت الاستعاذة هنا من الشطيان، وكان نزغه مما يعلم لا مما يرى وكانت صفة السمع نعم ما يرى وما لا يرى، قال مؤكداً لوقوف الجامدين مع الظواهر :( إنه هو ) أي وحده ) السميع ( وختم بقوله :( العليم ( الذي يسمع كل مسموع من استعاذتك وغيرها، ويعلم كل معلوم من نزغه وغيره، فهو القادر على رد كيده، وتوهين أمره وأيده، وليس هو كما جعلتموه له من الأنداد الصم البكم التي لا قدرة لها على شيء أصلاً.
ولما ذكر أنهم جعلوا له أنداداً مع أنه خلق الأرض في يومين، وختم ذلك بأن أحسن الحسن الدعاء إلى الله، وختم الأمر بالدعاء بصفة العلم، أتبعه دلائل التوحيد إعلاماً بأن التوحيد أحسن الحسن يطرد كل شيء، وتنبيهاً على أن الدعوة إلى الله تعالى