صفحة رقم ٦٢٧
للبشارة يمحوه محواً لا يدع له عيناً ولا أثراً لمن ثبت لصولته : وصبر كما أمر لحولته، اعتماداً على صادق وعد الله إيماناً بالغيب وثقة بالرسل عليهم الصلاة والسلام، وفي الحذف أيضاً تشبيه له بفعل الأمر إيماء إلى أن إيقاع هذا المحو أمر لا بد من كونه على أتم الوجوه وأحكمها وأعلاها وأتقنها كما يكون المأمور به من الملك المطاع، وأما الحق فإنه ثابت شديد مضاعف فلذا قال :( ويحق ) أي يثبت على وجه لا يمكن زواله ) الحق ) أي كل من شأنه الثبات لأنه أذن فيه وأقره، وعظم الحق وإحقاقه بذكر آلة الفعل فقال :( بكلماته ) أي التي ) ) لو كان البحر مداداً ( ) [ الكهف : ١٠٩ ] الآية التي يقولون إن ما أتاهم من العبارة عنها افتراء للكذب، والحاصل أنه سبحانه أثبت صفاء لبه ونورانية قلبه وسداد قول وصاب أمره، وظلام قلوبهم وبطلان أقوالهم إثباتاً مقروناً بدليله أما لأهل البصائر فبعجزهم عن معارضته، وأما للأغبياء فإبثات قوله ومحو قولهم.
ولما كانوا يعلمون أنه على حق وهم على باطل، وكان من أحاط علمه بشيء قدر على ما يريده من ذلك الشيء، بين ذلك بقوله معللاً على وجه التأكيد لأن عملهم عمل من يظن أن الله لا يعلم مكرهم :( إنه عليم ) أي بالغ ) بذات الصدور ) أي ما هو فيها مما يعمله صاحبه ومما لا يعلمه فيبطل باطله ويثبت حقه وإن كره الخلائق ذلك ) ) ولتعلمن نبأه بعد حين ( ) [ ص : ٨٨ ] ولقد صدق الله فأثبت ببركة هذا القرآن كل ما كان يقول ( ﷺ ) وأبطل بسيف هذا البرهان كل ما كانوا يخالفونه فيه، ومن أصدق من الله قيلاً.
الشورى :( ٢٥ - ٣٠ ) وهو الذي يقبل.....
) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ( ( )
ر بضلالهم وجزم بإبطال أعمالهم، رغبهم رحمة منه لهم في التوبة التي هي من الحق الذي يحقه ولو على أقل وجوها بأن يقولوها بألسنتهم ليبلغه ذلك عنهم، فإن قول اللسان يوشك أن يدخل إلى لا غيره أزلاً وأبداً ) والذي يقبل التوبة ( كلما شاء بالغة له أو متجاوزاً ) عن عباده ( الذين خالصون لطاعته، سئل أبو الحسن البوشنجي عن التوبة فقال : إذا ذكرت الذنب فلا تجد له حلاوة في قلبك.
ولما كان القبول قد يكون في المستقبل مع الأخذ بما مضى قال :( ويعفو عن


الصفحة التالية
Icon