صفحة رقم ٦٢٨
السيئات ) أي التي كانت التوبة عنها صغيرة أو كبيرة وعن غيرها فلا يؤاخذ بها أن شاء لأن التوبة تجب ما قبلها كما أن الإسلام الذي هو توبة خاصة يجب ما كان قبله.
ولما كانت تعدية القبول ب ( عن ) مفهمة لبلوغه ذلك بواسطة، فكان ربما اشعر بنقص في العلم، أخبر بما يوجب التنزيه عن ذلك ترغيباً وترهيباً بقوله :( ويعلم ) أي والحال أنه يعلم كل وقت ) ما تفعلون ) أي كل ما يتجدد لهم عمله سواء كان عن عاصم ورويس عن يعقوب بالخطاب لافتاً للقول عن غيب العباد لأنه أبلغ في التخويف وقرأ الباقون بالعيب نسقاً على العباد وهو، أعم وأوضح في المراد فعفوه عن سعة الحلم.
ولما رغب بالعفو زاد الإكرام فقال :( ويستجيب ) أي يوجد بغاية العناية والطلب إجابة ) الذين آمنوا ) أي دعاء الذي أقروا بالإيمان في كل ما دعوه به أو شفعوا عنده فيه لأنه لولا إرادته لهم الإكرام بالإيمان ما آمنوا، وعدى الفعل بنفسه تنبيهاً على زيادة بره لهم ووصلتهم به ) وعملوا ( تصديقاً لدعواهم الإيمان ) الصالحات ( فيثيبهم النعيم المقيم ) ويزيدهم ) أي مع ما دعوا له ما يدعوا به ولم يخطر على قلوبهم ولما كان هذا وإن كان الأول فضلاً منه أبين في الفضل قال تعالى :( من فضله ( على أنه يجوز تعليقه بالفعلين.
ولما رغب الذين طالت مقاطعتهم في المواصلة بذكر إكرامهم إذا أقبلوا عليه، رهب الذين استمروا على المقاطعة فقال :( والكافرون ) أي العريقون في هذا الوصف، الذين منعتهم عراقتهم من التوبة والإيمان ) لهم عذاب شديد ( ولا يجيب دعاءهم، فغيرهم من العصاة لهم عذاب غير لازم التقيد بشديد، والآية من الاحتباك : ذكر الاستجابة أولاً دليلاً على ضدها ثانياً دليلاً على ضده أولاً، وسره أنه ذكر الحامل على الطاعة والصاد عن المعصية.
ولما كان المتبادر من الاستجابة إيجاد كل ما سألوه في هذه الدنيا على ما أرادوه وكان الموجود غير ذلك بل كلن أكثر أهل الله مضيقاً عليهم، وكانت الإجابة إلى كل ما يسأل بأن يكون في هذه الدار يؤدي في الغالب إلى البطر المؤدي إلى الشقاء فيؤدي ذلك إلى عكس المراد، قال على سبيل الاعتذار لعباده وهو الملك الأعظم مبيناً أن استجابته تارة تكون كما ورد به الحديث لما سألوه، وتارة تكون بدفع مثله من البلاء وتارة تكون بتأخيره إلى الدار الآخرة ) ولو ) أي هو يقبل ويستجيب والحال أنه لو ) بسط ( ولما كان هذا المقان عظيماً لاحتياجه إلى الإحاطة بأخلاقهم وأوصافهم وما يصلحهم


الصفحة التالية
Icon