صفحة رقم ٦٥٣
ولا شك ان الشهادة له نفسه ( ﷺ ) بالرسالة ركن الإيمان ولم يكن له علم بذلك، وكذا الملائكة واليوم الآخر فيصح نفي المنفي لفواته بفوات جزئه.
ولما كان المعنى : ولكن نحن أدريناك بذلك كله، عبر عنه إعلاماً بأن الخلق كانوا في ظلام لكونهم كانوا يفلعون بوضع الأشياء في غير مواضعها فعل من يمشي في الظلام بقوله :( ولكن جعلناه ) أي الروح الذي هو الكتاب المنزل منا إليك المعلم بالإيمان وكل عرفان بما لنا من العظمة ) نوراً يهدي ( على عظمتنا ) به من نشاء ( خاصة لا يقدر أحد على هدايته بغير مشيئتنا ) من عبادنا ( بخلق الهداية في قلبه، قال ابن برجان : فمن رزقه الفرقان الذي يفرق بين المتشابهات والنور الذي يمشي به في الظلمات، فذلك الذي أبصر شعاع النور وشاهد الضياء المبثوث في العالم المفطور، وعلى قدر إقباله عليه والتفرغ عن كل شاغل عنه يكون قبوله له وهدايته به، وقال الأصبهاني في سورة النور : هو الكيفية الفائضة من الشمس والقمر والنار مثلاً على اظلرض والجدار وغيرهما، يقال : استنارت اظلرض، وقال حجة الإسلام الغوالي ضي الله عنه : ومن المعلوم ان هذه الكيفية إنما اختصت بالفضيلة والشرف لن المرئيات على كونها مستنيرة فكذلك يتوقف على وجود اليعن الباصرة وهي المدركة وبها الإدراك، فكان وصف االاظهار بالنور الباصر أحق بالنور المبصر فلا جرم اطلقوا اسم النور على نور العين المبصرة فقالوا في الخفاش : إن نور عينيه ضعيف، وفي العمى انه فقد نور البصر، غذا ثبت هذا فنقول : للأنسان بصر وبصيرة، وكل واحد من الإدراكين يقنضي نوراً، ونور العقل اثوى وأسد من نور العين، لأن القوة الباصرة لا تدرك نفسها ولا إدراكها ولا آلاتها، والقوة العاقلة تدرك نفسها، وغدراكها وآلتها فتور العقل اكمل من نور البصر، والقوة العاقلة تدرك الكليات والقوة الباصرة لا تدركها، وإدراك الكليات أشرف لانه لا يتغير بخلاف الجزئيات، وغدراك العقل منتج وادراك الجزئي غير منتج، والقوة العاقلة تدرك ظاهر الأشياء وبطانها فان الباطن والظاهر من جسمه واللون القائم به، والقوة العاقلة نوراً بالنسبة إلى الظاهر والباطن، والقوة الباصرة ظلمة بالنسبة إلى الباطن، ومدرك الفوة العاقلة هو الله وصفاته وأفعاله، ومدرك القوة هو الألوان والأشكال فيكون نسبة شؤرف القوة العاقلة إلى شرف القفوة الباصرة كنسبة شرف ذات الله إلى شرف الألوان والأشكال،