صفحة رقم ٦٥٤
والقوة الباصرة كالخدم والقوة العاقلة كالامبير، والامير أشرف من الخادم، والقوة الباصرة قد تغلط والقوة العاقلة لا تغلط، إن الإدراك العقلي أكمل وأقوى وأشرف من الإدراك البصري، وكل واحد من الإدراكين يقتضي الظهور الذي هو أشرف خواص النور، فكان الإدراك العقلي أولى بكونه نوراً، والإدراك العقلي قسمان : أحدهما واجب الحصول عند سلامة القوى والالات وهي التعقلات الفطرية، والثاني ما يكون مكتسباً، وهي التعقلات النظرية، ولا يكون منت لوازم جوهر الإنسان لأنه حال الطفولية لم يكن عالماً البتة، فهذه الأنورا إنما حصلت بعد أن لم تكن فلا بد لها من سبب، والفطرة الإنسانية قد يعتريها الزيغ فلا بد مكن هاد ومرشد، ولا مرشد فوق كلام الله وأنبيائه، فتكون منزلة ىيات القرآن عند عين العقل منزلة نور الشمس ونور العقل يشبه نور العين، وبهذا يظهر معنى قوله تعالى :
٧٧ ( ) فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ( ) ٧
[ التغابن : ٨ ] ) قد جاءكم برهان من ربكم (
٧٧ ( ) وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً ( ) ٧
[ النساء : ٧٤ ] وإذا ثبت أن بيان الرسول ( ﷺ ) أقوى من نور الشمس وجب أن تكون نفسه القدسية اعظم في النوراينة من الشمس كما أن الشمس في علم الأجسام العقلية لسائر النفوس البشرية ولا تستفيد النور العقلي من شيء من النفوس البشرية، فلذلك وصف الله الشمس بأنها سراج، ووصف محمداً ( ﷺ ) بأنه سراج، قن قال : ولمراتب الأنوار في عالم الأرواح مثال، وهو أن ضوء الشمس إذا وصل إلى القمر ثم دخل في كوة بيت ووقع على مرآة منصوبة على حائط ثم انعكس منه إلى طشت الشمس، التي هي المعدن، وثانيهما في القمر، وثالثهما في المرآة، ورابعهما في الماء، وخامسها في السقف، وكل من كان أقرب إلى المعدن كان أقوى فكذا الأنوار السماوية لما كانت مترتبة لا جرم كان النور المفيد اشد غشراقاً، ثم تلك الانوار لا تزال مترتبة المراد بقوله
٧٧ ( ) يوم يقوم الروح والملائكة صفا ( ) ٧
[ النبأ : ٣٨ ] ثم نقول : إن هذه الأنوار الحسية سفلية كانت كانوار النيران أو علوية كأنوار فإنها ممكنة لذواتها والممكن لذاته لا يستحق الوجود لذاته بل وجوده من غيره، والعدم هو الظلمة والوجود هو النور، فكل ما سوى الله زظلم مستنير بإنارة الله تعالى، وكذا جميع معارفها ودجودها حاصل من وجود الله تعالى فإن الحق سبحانه هو الذي أظهرها بالوجود بعد أن