صفحة رقم ٢١٠
الأذى منكم لهم على ظن أنهم مشركون أذى الدائس لمدوس وتضغطوهم وتأخذوهم أخذاً شديداً بقهر وغلبة تصيرون به لا تردون يد لامس ولا تقدرون على مدافعة ) فتصيبكم ) أي فيتسبب عن هذا الوطء أن يصيبكم ) منهم ) أي من جهتهم وبسببهم ) معرة ) أي مكروه وأذى هو كالحرب في انتشاره وأذاه، وإثم وخيانة بقتال دون إذن خاص، وبعدم الإمعانن في البحث، وغرم وكفارة ودية وتأسف وتعيير ممن لا علم له، ثم علق بالوطء المسبب عنه إًابة المعرة إتماماً للمعنى قوله :( بغير علم ) أي بأنهم من المؤمنين.
ولما دل السياق على أن جواب ( لولا ) محذوف تقديره : لسلطكم عليهم وما كف أيديكم عنهم، ولكنه علم ذلك، وعلم أنه سيؤمن ناس من المشركين فمن عليكم بأن رفع حرج إصابتهم بغير علم عنكم، وسبب لكم أسباب الفتح الذي كان يتوقع بسبب تسليطكم عليهم بأمر سهل، وكف أيديكم ولم يسلطكم عليه ) ليدخل الله ) أي الذي له جميع صفات الكمال ) في رحمته ) أي إكرامه وإنعامه ) من يشاء ( من المشركين بأن يعطفهم إلى الإسلام، ومن المؤمنين بأن يستنقذهم منه على أرفق وجه، ولما كان ذلك، أنتج قوله تعالى :( لو تزيلوا ) أي تفرقوا فزال أحد الفريقين عن الآخر زوالاً عظيماً يحث لا يختلط صنف بغيره فيؤمن وطء المؤمنين له بغير علم ) لعذبنا ) أي بأيديكم بتسليطنا أبو بمجرد أيدنا من غير واسطة ) الذين كفروا ) أي أوقعوا ستر الإيمان.
ولما كان هذا عاماً لجميع من اتصف بالكفر من أهل الأرض، صرح بما دل عليه السياق فقال :( منهم ) أي الفريقين وهم الصادون ) عذاباً أليماً ) أي شديد الإيجاع بأيديكم أو من عندنا لنوصلكم إلى قصدكم من الاعتمار والظهر على الكفار، ففيه اتعذار وتدريب على تأدب بعضهم مع بعض، وفي الإشارة إلى بين سر من أسرار منع الله تعالى لهم من التسليط عليهم حث للعبد على أن لا يتهم الله في قضائه فربما عسر عليه أمراً يظهر له أن السعادة كانت فيه وفي باطنه سم قاتل، فيكون منع الله له منه رحمة في الباطن وإن كان ننقمة في الظاهر، فألزم التسليم مع الاجتهاد في الخير والحرص عليه والندم على فواته وإياك والاعتراض، وفي الآية أيضاً أن الله تعالى قد يدفع عن الكافر لأجل المؤمن.
الفتح :( ٢٦ - ٢٧ ) إذ جعل الذين.....
) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ


الصفحة التالية
Icon