صفحة رقم ٣١٣
الصنع الدال على وحدانية مبدعه من زينة السماء التي فيها ما توعدون والحراسة من المردة حفظاً لنجوم الكتاب والاهتداء به الدين والدنيا، وغير ذلك من الحكم التي يعرفها الحكماءء، فقال تعالى :( والنجم ) أي هذا الجنس من نجوم السماء أو القرآن لنزوله منجماً مفرقاً وهم يسمون التفريق تنجيماً - أو النبات، قال البغوي : الشياطين عند الاستراق كما رواه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما إن كان المراد السمائي، فكانت عنده العبادة والاستغفار والدعاء للملك الجبار بالأسحار، أو صعد فكان به اهتداء المصلي والقارئ والساري، فإنه يقال : هوى هوياً - بالتفح إذا سقط، وبالضم - إذا علا وصعد، أو نزل به الملك للإصعاد وللإبعاد والاطلاع على عجائب المقدور، أو إذا سقط منبسطاً على الأرض أو ارتفع عنها إن كان المراد النبات، لما فيه من غيريب الصنعة وجليل التقدير الدال على عام القدرة وكمال العلم والتوحد بالملك والغنى المطلق.
ولما أقسم بهذا القسم الجليل، أجابه بقوله معبراً بالماضي نفياً لما كانوا رموه به وليسهل ما قبل النبوة فيكون ما بعدها بطريقة الأولى :( ما ضل ) أي عدل عن سواء المحجة الموصلة إلى غاية المقصود أي أنه ما عمل الضالين يوماً من الأيام فمتى تقول القرآن عنده ولا علم فيه عمل المجانين ولا غيرهم ما رموه به وأما
٧٧ ( ) وجدك ضالاً ( ) ٧
[ الضحى : ٧ ] فالمراد غير عالم، وعبر بالصحبة مع كونها أدل على القصد مرغبة لهم فيها ومقبلة بهم إليه ومقبحة عليهم اتهامه في إنذاره وهم يعرفون طيب أعرافه وطهارة شمائله وأخلاقه فقال :( صاحبكم ) أي في إنذاره لكم في القيامة فلا وجه لكم في اتهامه.
ولما كان الهدى قد يصحبه ميل لا يقرب الموصول إلى القصد وإن حصل به نوع خلل في القرب أو نحوه فقد يكون القصد مع غير صالح قال :( وما غوى ( وما مال أدنى ميل ولا كان مقصوده مما يسوء فإنه محروس من أسبابه التي هي غواية الشياطين وغيرها، وقد دفع سبحانه عن نبينا ( ﷺ )، وأما بقية الأانبياء فدفعوا أنفسهم
٧٧ ( ) ليس بي ضلالة ( ) ٧
[ الأعراف : ٦١ ]
٧٧ ( ) ليس بي سفاهة ( ) ٧
[ الأعراف : ٦٧ ]، ونحو ذلك - قاله القشيري.
ولما كان قد يكون مع الهدى مصادفة قال :( وما ينطق ) أي يجاوز نطقه فمه في وقت من الأوقات لا في الحال ولا في الاستقبال، نطقاً ناشئاً ) عن الهوى ) أي من أمره


الصفحة التالية
Icon