صفحة رقم ٣٨٦
ختم به الآية من وصفه بالإنعام قال :( فبأيّ آلاء ربكما ) أي المربي لكما على هذا الوجه الذي مآله إلى العدم إلى أجل مسمى ) تكذبان ) أي أيها الثقلان الإنس والجان، أبنعمة السمع من جهة الأمام أو غيرها من إيجاد الخلق ثم إعدامهم وتخليف بعضهم في أثر بعض وإيراث البعض ما في يد البعض - ونحو ذلك من أمور لا يدركها على جهتها إلا الله تعالى.
ولما كان أدل دليل على العدم الحاجة، وعلى دوام الوجود الغنى، قال دليلاً على ما قبله :( يسئله ) أي على سبيل التجدد والاستمرار ) من في السموات ) أي كلهم ) والأرض ) أي كلهم من ناطق أو صامت بلسان الحال أو القال أو بهما، ولما كان كأنه قيل : فماذا يفعل عند السؤال، وكان أقل الأوقات المحدودة المحسوسة ) اليوم ( عبر به عن أقل الزمان كما عبر به عن أخف الموزونات بالذرة فقال مجيباً لذلك :( كل يوم ) أي وقت من الأوقات من يوم السبت وعلى اليهود علنة الله وغضبه حيث قالوا في السبت ما هو مناف لقوله سبحانه وتعالى :
٧٧ ( ) ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ( ) ٧
[ ق : ٣٨ ]
٧٧ ( ) ولا يؤده حفظهما هو العلي العظيم ( ) ٧
[ البقرة : ٢٥٥ ] ) هو في شأن ) أي من إحداث أعيان وتجديد معان أو إعدام ذلك، قال القشيري : في فنون أقسام المخلوقات وما يجريه عليها من اختلفا الصفات - انتهى.
وهو شؤون يبديها لا شؤون يبتدئها تتعلق قدرته على وفق إرادته على ما تعلق به العلم في الأزل أنه يكون أو يعدم في أوقاته، فكل شيء قانت له خاضع لديه ساجد لعظمته شاهد لقدرته دالّ عليه ) وإن من شيء إلا يسبح بحمده ( وذلك التعير - مع أنه من أجل النعم - أدل دليل على صفات الكمال له وصفات النقص للمتغيرات وأنها عدم في نفسها ولأنها نعم قال :( فبأيّ آلاء ربكما ) أي المربي لكما بهذا التدبير العظيم لكل ما يصلحكما ) تكذبان ( أبنعمة السمع من جهة الخلف أو غيرها من تصريفه إياكم فيما خلقكم له هو أعلم به منكم من مايشكم وجميع تقلباتكم، وقد تكررت في هذه الآية نعمة الله سبحانه وتعالى لا تحصى لأنها تزيد على السبعة التي هي العدد التام الواحد هو مبدأ لدور جديد من العدد إشارة إلى أنه كلما انقضى منها دور ابتدأ دور آخر، ووجه آخر وهو أن الأخيرة صرح فيها ب ) من في السموات والأرض ( والسبع التي قبلها يختص بأهل الأرض إشارة إلى أن أمهات النعم سبع كالسماوات والأرض والكواكب السيارة ونحو ذلك.
ولما انقضى عد النعم العظام على وجه هو في غاية الإمكان من البيان، وكان تغير


الصفحة التالية
Icon