صفحة رقم ٤٢٨
التامة وملائكتنا ) منكم ( على شدة قربكم منه ) ولكن لا تبصرون ) أي مع تحديقكم إليه لا يتأثر عن ذلك التحديث غايته، وهو الإبصار لقربنا منه، ولا ملائكتنا الموكلين بقبض روحه، لتعلموا أن الفعل لنا لا لغيرنا، فلا يتجدد لكم شيء من هذا الوصف لتدركوا به حقيقة ما هو فيه، فثبت ما أخبرنا به من الاختصاص بباطن العلم والقدرة اللذين عبرنا عنهما بالقرب الذي هو أقوى أسبابها.
الواقعة :( ٨٦ - ٩٦ ) فلولا إن كنتم.....
) فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّاتُ نَعِيمٍ وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّآلِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ( ( )
ولما كان الكلام لإثبات هذه الأغراض المهمة قبل جواب ( لولا ) أعادها تأكيداً لها وتبيناً فقال :( فلولا إن كنتم ( أيها المكذبون بالبعث وغيره ) غير مدينين ) أي مقهورين مملوكين مجربين محاسبين بما عملتم في دار البلاء التي أقامكم فيها أحكم الحاكمين بامتناعكم بأنفسكم عن أن يجازيكم أو يمنع غيركم لكم منه، وأصل تركيب ( دان ) للذل والانقياد - قاله البيضاوي ) ترجعونها ) أي الروح إلى ما كانت عليه ) إن كنتم ) أي كوناً ثابتاً ) صدقين ) أي في أنكم غير مقهورين على الإحضار على الملك الجبار الذي أقامكم في هذه الدار للابتلاء والاختبار، وأنه ليس لغيركم أمركم، وفي تكذيبكم لما يخبر به من الأمور الدنيوية بذل شكركم، وهذا دليل على أنه لا حياة لمن بلغت روحه الحلقوم أصلاً وهذا إلزام لهم بالبعث حاصله أنه سبحانه إن كان لا يعيدكم فليس هو الذي قدر الموت عليكم، وإن كان لم يقدره فما لكم لا ترفعونه عنه لأنه من الفوادح التي لا يدرك علاجها، وأنتم تعالجون مقدماته.
وإن قلتم : إنه مقدر لا يمكن علاجه، لزمكم الإقرار بأن البعث مقدر لا يمكن علاجه، فإن أنكرتم أحدهما فأنكروا الآخر، وإن أقررتم بأحدهما فأقروا بالآخر، وإلا فليس إلا العناد، فإن قلتم : نحن لا نعلم أنه قدره فاعلموا أنه لو لم يكن بتقديره لأمكنت مقاومته وقتاً ما لا سيما والنفوس مجبولة على كراهته، وفي الموتى الحكماء والملوك، وتقريبه أنكم قد بالغتم في الجحود بآيات الله تعالى وأفعاله في كل شيء إن أرسل إليكم رسولاً قلتم : ساحر كذاب، وإن صدقه مرسله بكتاب معجز قلتم : سحر وافتراء وأمر عجاب، وإن رزقكم من الماء الذي به حياة كل شيء مطراً ينعشكم به قلتم : صدق نوء كذا، على حال مؤد إلى التعطيل والإهمال والعبث، فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن عند بلوغه الحلقوم


الصفحة التالية
Icon