صفحة رقم ٤٤٤
المحبوب في سلوكهم لذلك المحبوب فقال :( بشراكم لايوم ) أي بشراتكم العظيمة في جميع ما يستقبلكم من الزمان.
ولما تشوفوا لذلك أخبروا بالمبشر به بقوله مخبراً إشارة إلى أن المخبر به يحسد من البشرى لكونه معدن السرور ) جنات ) أي كائنة لكم تتصرفون فيها أعظم تصرف، والخبر في الأصل دخول، ولكنه عجل عنه لما ذكر من المبالغة ثم وصفها بما لا تكمل اللذة إلا به فقال ؛ ) تجري ( وأفهم القرب بإثبات الجارّ فقال :( من تحتها الأنهار ( ولما كان ذلك لا تتم مع خوف الانقطاع قال :( خالدين فيها ( خلوداً لا آخر له لأن الله أورثكم ذلك ما لا يورث عنكم كما كان الحكم الدنيا لأن الجنة لا موت فيها.
ولما كان هذا أمراً سارّاً في ذلك المقام الضنك محباً بأمر استأنف مدحه بقوله :( ذلك ) أي هذا الأمر العظيم جداً ) هو ) أي وحده ) الفوز العظيم ) أي الذي ملأ بعظمته جميع الجهات من ذواتكم وأبدانكم ونفوسكم وأرواحكم.
الحديد :( ١٣ - ١٥ ) يوم يقول المنافقون.....
) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( ( )
ولما عظم هذا الأجر الكريم ببيان ما لأهله في الوقت الكائن فيه، عظمه بما لأضدادهم من النكال، فقال مبدلاً من الظرف الأول :( يوم يقول ) أي قولاً مجدداً يلجئ إليه نم الأمور العظيمة الشاقة ) المنافقون والمنافقات ) أي بالعراقة في إظهار الإيمان وإبطان الكفران ) للذين آمنوا ) أي ظاهراً وباطناً، وأما من علا من هذا السن من المؤمنين ومن فوقهم فالظاهر أنهم لا يرونهم ليطمعوا في مناداتهم ( وأين الثريا من يد المتناول ) ) انظرونا ) أي انظرونا بأن تمكثوا في مكانكم لنلحق بكم، وكأن الفعل جرد في قراءة الجماعة لاقتضاء الحال الإيجاز بغاية ما توصل المقدرة إليه خوف الفوت، لأن المسؤولين يسرعون إلى الجنة كالبرق الخاطف، وقد حققت المعنى قراءة حمزة بقطع الهمزة وكسر الظاء أي أخرونا في المشي وتأنوا علينا وأمهلوا علينا، لا تطلبوا منا السرعة فيه بل امكثوا في مكانكم لننظر في أمرنا كيف نلحق بكم، والحاصل أنهم عدوا تأنيهم في المشي وتلبثهم ليلحقوا بهم إنظاراً لهم ) نقتبس ) أي نأخذ ونصيب ونستصبح ) من نوركم ) أي هذا الذي نراه لكم ولا يلحقنا منه بشيء كما كنا في الدنيا نرى إيمانكم بما نرى من ظواهركم ولا نتعلق من ذلك بشيء جزاء وفاقاً، وسبب هذا القول


الصفحة التالية
Icon