صفحة رقم ٤٩٨
من مهماته، وقد قال النبي ( ﷺ ) :( ا ضرر ولا ضرار ) وقال :( أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول ) وقال :( شر الناس من لا يآمن جاره بوائقه ) فقال تعالى معظماً لرسوله ( ﷺ ) وناهياً عن إبرامه ( ﷺ ) بالسؤال والمناجاة، ونافعاً للفقراء والتمييز بين المخلص والمنافق ومحب الآخرة ومحب الدنيا، ولما نهى عما يحزن من المقال والمقام، وكان المنهي عنه من التناجي إنما هو لحفظ قلب الرسول ( ﷺ ) عما يكدره فهو منصرف إلى مناجاتهم غيره، وكان ذلك مفهماً أن مناجاتهم له ( ﷺ ) لا حرج فيها، وكان كثير منهم يناجيه ولا قصد له إلا الترفع بمناجاته فأكثروا في ذلك حتى شق عليه ( ﷺ )، وكان النافع للإنسان إنما هو كلام من يلائمه في الصفات ويشاكله في الأخلاق، وكان رسول الله ( ﷺ ) أبعد الناس من الدنيا تقذراً لها لأجل بغض الله لها، أمر من أراد أن يناجيه بالتصدق ليكون ذلك أمارة على الاجتهاد في التخلق بأخلاقه الطاهرة من الصروف عن الدنيا والإقبال على الله، ومظهراً له عما سلف من الإقبال عليها فإن الصدقة برهان على الصدق في الإيمان، وليخفف عنه ( ﷺ ) ما كانوا قد أكثروا عليه من المناجاة، فلا يناجيه إلا من قد خلص إيمانه فيصدق، فيكون ذلك مقدمة لانتفاعه بتلك المناجاة كما أن الهدية تكون مهيئة للقبول كما ورد ( نعم الهدية أمام الحاجة ) فقال تعالى :( يا أيها الذين آمنوا ) أي ادعوا أنهم أوجدوا هذه الحقيقة أغنياء كانوا أو فقراء ) إذا ناجيتم ) أي أردتم ان تناجوا ) الرسول ( ( ﷺ ) أي الذي لا أكمل منه في الرسلية فهو أكمل الخلق ووظيفته تقتضي أن يكون منه الكلام بما أرسله به الملك وتكون هيبته مانعة من ابتدائه بالكلام، فلا يكون من المبلغين إلا الفعل بالامتثال لا غير ) فقدموا ) أي بسبب هذه الإرادة العالية على سبيل الوجوب ومثل النجوى كشخص له يدان يحتاج ان يطهر نفسه ليتأهل للقرب من الرسول ( ﷺ ) فقال :( بين يدي نجواكم ) أي قبل سركم الذي


الصفحة التالية
Icon