صفحة رقم ٥٦١
في الحكم على الأفراد ظنية - كما قال الشافعي رضي الله تعالى عنه - في الدلالة على الجزئي من تلك الأفراد بخصوصه حيث لا قرينة لأن تلك الصيغ ترد تارة على عمومها وتارة يراد بها بعض الأفراد فتكون من العام الذي أريد به الخصوص، وتارة يقع فيها التخصيص، فتكون من العام الذي أريد به الخصوص فطرقها الاحتمال فاحتاج ما دلت عليه من الظاهر إلى قرينة، وكان دخول النساء تحت لفظ ( من ) في صلح الحديبية أما عرباً عن القرينة أو أن القرينة القتال الذي وقع الصلح عليه بسببه صارفة عنه، وكذا قرينة التعبير عنهن ب ( ما ) دون ( من ) في كثير من الكتاب العزيز
٧٧ ( ) فانكحوا ما طاب لكم من النساء ( ) ٧
[ النساء : ٢٢ ]
٧٧ ( ) والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم ( ) ٧
[ النساء : ٢٤ ]
٧٧ ( ) وأحل لكم ما وراء ذلكم ( ) ٧
[ النساء : ٢٤ ]
٧٧ ( ) فما استمتعتم به منهن ( ) ٧
٢٤ ]
٧٧ ( ) فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ( ) ٧
[ النساء : ٢٥ ]
٧٧ ( ) إلا على أزواجكم أو ما ملكت أيمانكم ( ) ٧
[ المؤمنون : ٦ ]، وكان قد ختم سبحانه هذه الآيات التي أدب بها في غزوة الفتح بما أبان به ما لا يخرج عن الصلح في عمرة الحديبية مما هو قرب إلى الخير من البر والعدل، ونهى عن تولي الكفار، فكانت المصاهرة والمناكحة من أعظم التولي، وصل بذلك ما لا يخرج عنه ولا يحل بالعهد في أن من جاء من الكفار إلى النبي ( ﷺ ) رده إليهم وإن كان مسلماً، فقال مخاطباً لأدنى أسنان أهل الإيمان الذين الفهم وأنا به قلبه الشريف من فنون العلم ليكوفوا النبي ( ﷺ ) مقدمات البيعة منه لهن :( يا أيها الذين آمنوا ) أي أقروا بالإيمان - وهو إيقاع الأمان من التكذيب - لمن يخبرهم ما ينبغي التصديق به بسبب تصديقهم بالله سبحانه وتعالى.
ولما كان في علمه سبحانه وتعالى أنه يأتيهم نساء يهربن بدينهن إلى الله، بشرهم بذلك بالتعبير بأداة التحقيق فقال :( إذا ) أي صدقوا ما ادعيتموه من الإيمان بأنه في أي زمان ) جاءكم ( ولما كان لا يهجر داره وعشيرته لا سيما إن كانوا أقارب بسبب كفرهم إلا من رسخ في الإيمان ذكراً كان أو أنثى قال :( المؤمنات ) أي النساء اللاتي صار وصف الإيمان لهن صفة راسخة بدلالة الهجرة عليه :( مهاجرات ( للكفار ولأرضهم ) فامتحنوهن ) أي اختبروهن تأكيداً لما لت عليه الهجرة من الإيمان التحليف بأنهن ما خرجن لحدث أحدثته ولا بغضاً في زوج ولا رغبة في عشير ولا خرجن إلا حباً لله ورسوله ورغبة في دين الإسلام، قال الإمام شهاب الدين ابن النقيب في الهداية من مختصره للكفاية لفقيه المذهب نجم الدين أحمد بن الرفعة في شرح التنبيه : واختلف