صفحة رقم ٥٦٢
قول الشافعي رحمه الله تعالى : هل كان النبي ( ﷺ ) شرط لقريش في الصلح رد النساء ففي قول : لم يشترطه بل أطلق رد من جاءه فتوهموا تناول النساء، وكان النبي ( ﷺ ) عالماً بعدم دخولهن، فأطلق ذلك حذيفة يعني ومن شرعه ان الحرب خدعة، وفي قوله : شملهن الشرط، لكن هل شرطه صريحاً أم دخلن في الإطلاق فيهن وجهان أظهرهما الثاني، وهل كان شرطهن جائزاً فيه وجهان : أحدهما نعم ثم نسخ، وهل ناسخه الآية المذكورة أم منع النبي ( ﷺ ) من الرد فيه وجهان مبنيان على أنه هل يجوز نسخ السنة بالقرآن وفيه قولان للشافعي رحمه الله تعالى، ومختاره منهما المنع وهو الجديد، وكذا لا يجوز عنده وعند أصحابه نسخ الكتبا بالسنة وإن كانت متواترة - انتهى.
ومعناه أنه لم يقع فإن وقع نسخها بالقرآن كان معه سنة، وإن وقع نسخه بالسنة كان معها قرآن، وهو معنى قول ابن السبكي في جمع الجوامع : قال الشافعي رضي الله عنه : وحيث وقع بالسنة فمعها قرآن أو بالقرآن فمعه سنة عاضدة تبين توافق الكتاب والسنة.
ولما كان الاختبار ربما دل إيمانهن لا يعلم إلا به، نفى ذلك بقوله مستأنفاً في جواب من يقول : أليس الله بعالم بذلك، ومفيداً أن علمكم الذي تصلون إليه بالامتحان ليس بعلم، وإنما سماه به إيذاناً بأن الظن الغالب في حقكم بالاجتهاد والقياس قائم مقام العلم يخرج من عنده
٧٧ ( ) ولا تقف ما ليس لك به علم ( ) ٧
[ الإسراء : ٣٦ ] :( الله ( المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ) أعلم ) أي منكم ومنهن بأنفسهن ) بإيمانهن ( هل هو كائن أو لا على وجه الرسوخ أو لا، فإنه محيط بما غاب كإحاطته بما شهد، وإنما وكل الأمر إليكم في ذلك ستراً للناس ولئلا تكون شهادته لأحد بالإيمان والكفران موصلة إلى عين اليقين فيخرج عن مبنى هذه الدار، قال القشيري : وفي الجملة الامتحان طريق إلى المعرفة، وجواهر النفس تتبين بالتجربة، ومن أقدم على شيء من غير تجربة يجني كأس الندم، قال :( فإن علمتموهن ) أي العلم المتمكن لكم وهو الظن المؤكد بالأمارات الظاهرة بالحلف وغيره ) مؤمنات ) أي مخلصات في الهجرة لأجل الإيمان، والتعبير بذلك لإيذان بمزيد الاحتياط.
ولما ذكر هذا الامتحان بين أنه علة لحمايتهن والدفع عنهن فأتبعه مسببه فقال :( فلا ترجعوهن ) أي بوجه من الوجوه ) إلى الكفار ( وإن كانوا أزواجاً، ومن الدليل على أن هذا ظاهر في المراد وأن القرائن موضحة له أنه ( ﷺ ) لما أبى أن يرد إليهم من جاءه من النساء لم يعب أحد من الكفار ذلك، ولا نسب إلى عهده ( ﷺ ) - وحاشاه - خللاً، ولولا أن ذلك لملؤوا الأرض تشغيباً كما فعلوا في سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه إلى نخله التي نزل بسببها
٧٧ ( ) يسألونك عن الشهر الحرام ( ) ٧
[ البقرة :


الصفحة التالية
Icon