صفحة رقم ٦٦
فأنتم تعلمون أنه لا بد لهذه الأجرام الكثيفة جداً المتعالي بعضها عن بعض بلا ممسك تشاهودنه مع تغير كل منها بأنواع الغير من رب، وأنه لا يكون وهي على هذا النظام إلا وهو كامل العلم شامل القدرة، مختار في تدبيره، حكيم في شأنه كله وجيمع تقديره، وأنه لا يجوز في الحكمة أن يدع من فيها من العلماء العقلاء الذين هم خلاصة ما فيهما هملاً يبغي بعضهم على بعض منغير رسول معلم بأوامره، وأحكامه وزواجره، منبه لهم على أنه ما خلق هذا الخلق كله إلا لأجلهم، ليحذروا سطواته ويقيدوا بالشكر على ما حباهم به من أنواع هباته.
ولما ثبت بهذا النظر الصافي ربوبيته، وبعدم اختلال التدبير على طول الزمان وحدانيته، وبعدم الجري على نظام واحد من كل وجه فعله بالاختيار وقدرته، صرح أي وإلا منبهاً لهم على أن النظر الصحيح أنتج ذلم ولا بد فقال تعالى :( لا إله إلا هو ) أي وإلا لنازعه في أمرهما أو بعضه منازع، أو أمكن أن ينازع فيكون محتاجاً لا محالة.
وإلا لدفع عنه من يمكن نزعه له وخلافه إياه، فلا يكون صالحاً للتدبير والقهر لكل من يخالف رسله والإيحاء لكل من يوافقهم على مر الزمان وتطاول الدهر ومد الحدثان على نظام مستمر، وحال ثابت مستقر.
ولما ثبت أنه لا مدبر للوجود غيره، ثبت قوله تعالى :( يحيى ويميت ( لأن ذلك من أجل ما فيهما من التدبير، وهو تنبيه على تمام دليل الوحدانية لأنه لا شيء مما فيهما يبقى ليسند التدبير إليه، ويحال شيء من الأمور عليه، فهما جملتان : الأولى نافية لما أثبتوه من الشركة، والثانية مثبتة لما نفوه من البعث.
ولما ثبت أنه المختص بالإفاضة والسلب، وكان السلب إدل على القهر، ذكرهم ما لهم من ذلك ي أنفسهم فقال سبحانه :( ربكم ) أي الذي أفاض عليكم ما تشاهدونه من النعم في الأرواح وغيرها ) ورب آبائكم ( ولما كانوا يشاهدون من ربوبيته لأقرب آبائهم ما يشاهدون لأنفسهم، رقي نظرهم إلى النهاية فقال :( الأولين ) أي الذين أفاض عليهم ما أفاض عليكم ثم سلبهم ذلك كما تعلمون، فلم يقدر أحد منهم على ممانعة ولا طمع في منازعة بنوع مدافعة.
الدخان :( ٩ - ١٥ ) بل هم في.....
) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ رَّبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ ( ( )