صفحة رقم ١٧٧
قال الملوي :- إذا كان في العذاب ويرجوا الخلاص يهون عليه الأمر بخلاف ما إذا يئس من الخلاص، معلماً بأن آلهتهم عاجزة فإنهم لم تغن عنهم شيئاً، توبيخاً لمن يعبد مثلها :( فلم يجدوا ( وحقق الأمر فيهم بقوله :( لهم ) أي عندما أناخ الله بهم سطوته وأحل بهم نقمته.
ولما كانت الرتب كلها دون رتبته تعالى، وكان ليس لأحد أن يستغرق جميع ما تحت رتبته سبحانه من المراتب، قال مثبتاً الجار :( من دون الله ) أي الملك الأعظم الذي تتضاءل المراتب تحت رتبة عظيمته وتذل لعزه وجليل سطوته ) أنصاراً ( ينصرونهم على من أراد بهم ذلك ليمنعوه مما فعل بهم أو يقتصوا منه لهم بما يشهد به شاهد الوجود الذي هو أعدل الشهود من أنه تم ما أراد سبحانه وتعالى من إغراقهم من غير أن يتخلف منهم أحد على كثرتهم وقوتهم لكونهم أعداءه وإنجاء نبيه نوح عليه الصلاة والسلام ومن معه رضوان الله وسلامه عليهم أجمعين على ضعفهم وقتلهم لم يعقد منهم أحد لكونهم أولياءه، فكما لم يهلك ممن أراد إنجاءه أحد فكذلك لم يسلم منهم، فمن قال عن عوج ما يقوله القصاص فهو أيضاً ضال أشد ضلال، فلعنة الله على من يقول : إن الله تعالى كان غير ناصرهم، مع هذه الدلالات التي هي نص في أنه عدوهم، وأن نصرهم إنما يكون على نبيه نوح عليه الصلاة والسلام، واعتقاد ذلك أو شيء منه كفر ظاهر لا محيد عنه بوجه، وقائل ذلك هو ابن عربي صاحب الفصوص الذي لم يرد بتصنيفه إلا هدم الشريعة المطهرة، ونظمه أياً ابن الفارض في تأئيته التي سماها بنظم السلوك، فلعنة الله عليه وعلى من تبعه أو شك في كفره أو توقف في لعنة بعد ما نثب من الضلال الذي سعر به البلاد، وأردى كثيراً من العباد.
ولما أتم الخبر عن إغراقهم، وقدمه للاهتمام بتعظيم الرسول ( ﷺ ) في إجابة دعوته تحذيراً للعرب أن يخرجوا رسولهم ( ﷺ ) فيخرجوه إلى مثل ذلك، عطف على قول نوح عليه السلام من أوله قوله عندما أخبره تعالى انهم مغرقون وأنه لا يؤمن منهم إلا من قد آمن بعدما طال بلاؤه بهم حتى أن كان الرجل ليأتي بابنه إليه فيقول له : احذر هذا أن يضلك، وإن أبي حذر به، وكانت صيغة العموم ليست بنص في أفرادها أبداً، استنجازاً لوعده وتصريحاً بمراده :( وقال نوح ( وأسقط الأداة كما هي عادة أهل الحضرة فقال :( رب لا تذر ) أي تترك بوجه من الوجوه أصلاً ولو على أدنى الوجوه ) على الأرض ) أي كلها من مشرقها إلى مغربها وسهلها وجبلها ووهدها ) من الكافرين ) أي الراسخين العموم التي تستعمل في النفي العام فيقال من الدور أو الدار فعّال، وإلا لكان دواراً،