صفحة رقم ١٩٧
كل رتبة دون رتبته، وكانت الرتب التي دون رتبته كثيرة جداً لما له من العلو المطلق ولغيره من مراتب السفول التي لا تحد، قال مشيراً لذلك بالجارّ :( من دونه ) أي الله تعالى ) ملتحداً ) أي معدلاً وموضع ميل وركون ومدخلاً وملتجأ وحيلة، وإن اجتهدت كل الجهد لأن اللحد أصله الميل ولا يقال إلا في ميل من حق إلى باطل، والحد : جادل ومارى وركن.
الجن :( ٢٣ - ٢٥ ) إلا بلاغا من.....
) إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً حَتَّى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً ( ( )
ولما كان من المعلوم أن هذا شيء لا مثنوية فيه، وكانت الرتب التي دون شريف رتبته سبحانه كثيرة جداً لما له من العلو المطلق وكان ما يليها له حكم شرفها وحقيقها، وكان أول ذلك البلاغ منه سبحانه بلا واسطة ثم البلاغ بواسطة ملائكته الكرام منه، استثنى من ( ملتحداً ) على طريق لا ملجأً ولا منجى منك إلى إليك ففروا إلى الله فقال :( إلا بلاغاً ) أي يبلغني كائناً ) من الله ) أي الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلماً، ولكنه لسعة رحمته يجري الأمور على ما يتعارفونه في أنه لا يأخذ أحداً إلا بحجة يعترفون بأنها حجة.
ولما بين الرتبة الأولى التي هي أعلى، أتبعها التي تليها فقال :( ورسالاته ( التي أوحي إليّ بها بواسطة الملك فإني أتلقى ذلك حق تلقيه بحفظه والعمل به فيكون، ذلك عاصماً من كل سوء في الدنيا والآخرة.
ولما كان التقدير لبيان أن الله شرف الرسل بأن أعطاهم عظمة من عظمته فجعل عصاينهم عصيانه، فيكون جزاء من عصاهم هو جزاء من عصاه سبحانه وتعالى لأنهم إنما يتكلمون بأمره، فمن يطع الله ورسوله فإن له جنة نعيم يكونون فيها مدى الدهر سعداء، عطف عليه قوله :( ومن يعص الله ) أي الذي له العظمة كلها ) ورسوله ( الذي ختم به النبوة والرسالة فجعل رسالته محيطة بجميع خلقه في التوحيد أو غيره على سبيل الجحد ) فإن له ) أي خاصة ) نار جهنم ( وأكد المعنى وحققه لقول من يدعي الانقطاع فقال :( خالدين فيها ( وأكد المعنى وحققه لقول من يدعي الانقطاع فقال :( أبداً ( وأما من يدعي أنها تحرق وأن عذابها عذوبة فليس أحد أجنّ منه إلا من يتابعه على ضلاله وغيه ومحاله، وليس لهم دراء إلا السيف في الدنيا والعذب في الآخرة بما سموه عذوبة وهم صائرون إليه وموقوفون عليه.