صفحة رقم ٢١٦
قلة المسافة ) من ثلثي الليل ( في بعض الليالي ) ونصفه وثلثه ) أي وأدنى من كل منهما في بعض الليالي - هذا على قراءة الجماعة، والمعنى على قراءة ابن كثير والكوفيين بالنصب تعيين النصف والثلث الداخل تحت الأدنى من الثلثين، وهو على القراءتين مطابق لما وقع التخيير فيه في أول السورة بين قيام النصف بتمامه أو الناقص منه وهو الثلث أو الزائد عليه وه الثلثان، أو الأقل من الأقل من النصف وهو الربع.
ولما ذكر سبحانه قيامه ( ﷺ )، أتبعه قيام أتباعه، فقال عاطفا على الضمير المستكن يفي تقوم وحسنه الفصل :( وطائفة ) أي يقوم كذلك جماعة يفيها أهليبة التحلق بإقبالهم عليك وإقبال بعضهم على بعض، ولما كانت العادة أن الصاحب ربما أطلق على من مع الإنسان بقوله دون قلبه عدل إلى قوله :( من الذين معك ) أي بأقوالهم وأفعالهم، أي على الإسلام، وكأنه اختار هذا دون أن يقول من المسلمين لأنه يفهعم أن طائفة لم تقم فلم يرد أن يسميهم مسلمين، والمعية أعم.
ولما كان القيام - على هذا التفاوت مع الاجتهاد يفي السبق في العبادة دالا على عدم العلم بالمقادير على ماهي عليه قال تعالى :( والله ) أي تقومون هكذا لعدم علمكم بالمقادير الساعات على التحرير والحال أن الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلمه وحده ) يقدر ) أي تقديرا عظيما ه فيغاية التحرير ) الليل والنهار ( فيعلم كل دقيقة منهما على ماه يعليه لأنه خالقهما ولا يوجد شيء منهما إلا به ) ألا يعلم من خلق ) [ الملك : ١٤ ]
ولما علم من هذا المشقة عليهم في قيام الليل على هذا الوجه علما وعملا ترجم ذلك بقوله :( علم ( اي الله سبحانه ) أ، لن تحصوه ) أي تطيقوا التقدير علما وعملا، ومنه قوله ( ﷺ ) " استقيموا ولن تحصوا " ) فتاب ) أي فتسبب عن هذا العمل أنه سبحانه رجع بالنسخ عما كان أوجب ) عليكم ( بالترخيص لكم في ترك القيام المقدر أول السورة، أي رفع التبعة عنكم في ترك القيامن على ذلك التقدير الذي قدره كما رفع عن النائب، وكأنه سماه توبة وإن لم يكن ثم معصية إشارة إلى أنه من شأنه لثقله أن يجر إلى المعصية.
ولما رفعه سبب عنه أمرهم بما يسهل عليهم فقال معبرا عن الصلاة بالقراءة لأنها أعظم أركانها إشارة إلى أن التهجد مستحب لا واجب :( فاقرءوا ) أي يفي الصلاة أمو غيرها في الليل والنهار ) ما تيسر ) أي سهل وهان إلى الغاية عليكم وزلا انقاد لكم ) من القرآن ( في الكتاب الجامع لجميع ما ينفعكم، قال القشيري : من خمس آيات إلى ما زاد، ويقال : من عشر آيات إلى ما يزيد، قال البغوي : قال قيس بن أبي


الصفحة التالية
Icon