صفحة رقم ٢٢٥
جداً عاماً لجميع أوقات وجوده، والمراد به كما يأتي الوليد بن المغيرة، قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان له بين مكة والطائف إبل وحجور ونعم وجنان وعبيد وجوار.
ولما كان أول ما يمتد إليه النفس بعد كثرة المال الولد، وكان أحب الولد الذكر، قال :( وبنين ( ولما كان الاحتياج إلى فراقهم ولو زمنااً يسيراً شاقاً، وكان ألزمهم له وأغناهم عن الضرب في الأرض نعمة أخرى قال :( شهوداً ) أي حضوراً معه لغناه عن الأسفار بكثرة المال وانتشار الخدم وقوة الأعوان، وهم مع حضورهم في الذروة من الحضور بتمام العقل وقة الحذف، قهم في غاية المعرفة بما يزيدهم الاطلاع عليه حيثما أرادهم وجدهم وتمتع بلقياهم، ومع ذلك فيهم أعيان المجالس وصدور المحافل كأنه لا شاهد بها غيرهم، منهم خالد الذي من الله بإسلامه، فكان سيف الله تعالى وسيف رسوله ( ﷺ ).
ولما كان هذا كناية عن سعة الرزق وعظم الجاه، وكان من بسط له في المال والولد والجاه تتوق نفسه إلى إتمام ذلك بالحفظ والتيسير، قال مستعطفاً لما كان هكذا بالتذكير بنعمه :( ومهدت ) أي بالتدريج والمبالغة ) له ) أي وطأت وبسطت وهيأت في الرئاسة بأن جمعت له إلى ملك الأعيان ملك المعاني التي منها القلوب، وأطلت عمره، وأزلت عنه موانع الرغد في العيش، ووفرت أسباب الوجاهة له حتى دان لذلك الناس، وأقام ببلده مطمئناً يرجع إلى رأيه الأكابر، قال ابن عباس رضي الله عنهما : وسعت له ما بين اليمين إلى الشام فأكملت له من سعادة الدنيا ما أوجب التفرد في زمانه من أهل بيته وفخذه بحيث كان يسمى الوحيد وريحانة قريش فلم يزع هذه النعمة العظيمة : وأكد ذلك بقوله :( تمهيداً (.
ولما كان قد فعل به ذلك سبحانه، فأورثته هذه النعمة من البطر والاستكبار على من خلوه فيها ضد ما كان ينبغي فيها ضد ما كان ينبغي له من الشكر والازدجار، قال محققاً أنه سبحانه هو الذي وهبها له وهو الواحد القهار، مشيراً بأداة التراخي إلى استبعاد الزيادة له على حالته هذه من عدم الشكر :( ثم ) أي بعد الأمر العظيم الذي ارتكبه من تكذيب رسولنا ( ﷺ ) ) يطمع ) أي بغير سبب يدلي به إلينا مما جعلنا سبب المزيد من الشكر :( أن أزيد ) أي فيما آتيته من دنياه أو آخرته وهو يكذب رسولي ( ﷺ ).
ولما كان التقدير : إنه ليطمع في ذلك لأن المال والجاه يجران الشرف والعظمة بأيسر سعي، هذا هو المعروف المتداول المألوف، استأنف زجره عن ذلك بمجامع الزجر : علماً من أعلام النبوة، وبرهاناً قاطعاً على صحة الرسالة، فقال ما لا يصح أن يقوله غيره سبحانه لأنه مع أنه لا تردد فيه ولا افتراء طابع الواقع، فلم يزد بعد ذلك