صفحة رقم ٢٤٣
بالنفس ( على حد ما مضى في أن الباء صلة أو سبب ) اللوامة ) أي التي تلوم صاحبها وهي خيرة وشريرة، فالخيرة تكون سبباً للنجاة فيه والأخرى تكون سبباً للهلاك فيه، فإن لامت على الشر أو على التهاون بالخير أنجت، وإن لامت على ضد ذلك أهلكت، وكيفما كانت لا بد أن تلوم، وهي بين الأمارة والمطمئنة، فما غلب عليها منهما كانت في حيزه، قال الرازي في اللوامع : فالمطمئنة التي انقادت لأوامر الله، والأمارة المخالفة لها المتعبة للهوى، واللوامة هي المجاهدة، فتارة لها اليد وتارة عليها، وهي نفس الإنسان خاصة لأنها بين طوري الخير والشر والكمال والنقصان والصعود والهبوط والطاعة والعصيان، قال الإمام السهروردي في الباب السادس والخمسين من معارفه : وهي نفس واحدة لها صفات متغايرة، فالملائكة في درجة الكمال، والحيوانات الأخر في دركة النقصان.
ولهذا جمع بين القيامة وبين اللوامة، لأن الثواب والعقاب للآدمي دون الملائكة والحيوانات العجم، واللوامة يشتد لومها في ذلك اليوم على عدم الخير أو عدم الزيادة منه، لا أقسم على ذلك بهذا الذي هو من أدل الأمور على عظمته سبحانه فإن الأمر في ذلك غني عن القسم.
ولما كان التقدير قطعاً بما يرشد إليه جميع ما مضى جواباً للقسم : إنك والله صادق في إنذارك فلا بد أن ينقر في الناقور بالنفخ في الصور.
قال بانياً عليه بعد الإشارة إلى تعظيم أمر القيامة بما دل عليه حذف الجواب من أنها في وضوح الأمر وتحتم الكون على حالة لا تخفى على أحد منكراً على من يشك فيها بعد ذلك :( أيحسب الإنسان ) أي هذا النوع الذي يقبل على الأنس بنفسه والنظر في عطفه والسرور بحسبه، وأسند الفعل إلى النوع كله لأن أكثرهم كذلك لغلبة الحظوظ على العقل إلا من عصم الله ) أن ) أي أنا.
ولما كان فيهم من يبالغ في الإنكار، عبر أيضاً بأداة التأكيد فقال :( لن نجمع ) أي على ما لنا من العظمة ) عظامه ) أي التي هي قالب بدنه وعماده من الأرض فيعيدها كما كانت بعد تمزقها وتفتتها وافتراقها وبلاها وانمحاقها، وقد سدت المخففة مسد مفعولي ( يحسب ) المقدرين ب ( يحسبنا ) غير جامعين.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم قوله مخبراً عن أهل الكفر
٧٧ ( ) وكنا نكذب بيوم الدين ( ) ٧
[ المدثر : ٤٦ ] ثم تقدم في صدر السورة قوله تعالى :
٧٧ ( ) فإذا نقر في الناقور ( ) ٧
[ المدثر : ٨ ] إلى قوله :
٧٧ ( ) غير يسير ( ) ٧
[ المدثر : ٩ ] والمراد به يوم القيامة، والوعيد به لمن ذكر بعد في قوله
٧٧ ( ) ذرني ومن خلقت وحيداً ( ) ٧
[ المدثر : ١١ ] الآيات ومن كان على حاله في تكذيب وقوع ذلك اليوم، ثم تكرر ذكره عند جواب من سئل