صفحة رقم ٢٨٨
أصلاً، وهي استئنافية لجواب من يقول : ما كان حالهم عند هذا الأمر الفظيع ؟ ) إلى ظل ) أي من دخان جهنم الذي سمي باليحموم لما ذكر في الواقعة ) ذي ثلاث شعب ( ينشعب من عظمه كما ترى الدخان العظيم يتفرق ذوائب، وخصوصية الثلاث لأن التكذيب بالله وكتبه ورسله، فتعذبهم كل واحدة منها عذاباً يعلمون هناك لأي تكذيبه منها هي، أو لأن الحاجب عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم، أو لأن السبب فيه القوة الوهمية الحالة في الدماغ، والغضبية التي في عين القلب، والشهوية التي في يساره، وقيل : تخرج عنق من النار تكون ثلاث فرق : نار ونور ودخان، يقف النورعلى المؤمنين، واللهب الصافي على الكافرين، والدخان على المنافقي، تكون كذلك إلى حين الفراغ من الحساب، وقال الرازي : الشعب لهب وشرر ودخان.
ولما كان المبتادر من الظل ما يستروح إليه فظنوا ذلك، أزال عنهم هذا التوهم على طريق التهكم بهم ليكون أشد في النكال فقال واصفاً ل ( ذي ) :( لا ظليل ) أي من الحر بوجه من الوجوه.
ولما كان ما انتفى عنه غزارة الظل التي أفهمتها صيغة المبالغة قد يكون فيه نفع ما قال :( ولا يغني ) أي شيئاً من إغناء ) من اللهب ) أي هذا الجنس.
المرسلات :( ٣٢ - ٤٢ ) إنها ترمي بشرر.....
) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ( ( )
ولما بين أن هذا الظل في العذاب، وكان من المعلوم أنه لا يكون دخان إلا من نار، قال مبيناً أنه لو كان هناك ظل ما أغنى :( إنها ) أي النار التي دل عليها السياق ) ترمي ) أي من شدة الاستعار ) بشرر ( وهو ما تطاير من النار إذا التهبت، واحدتها شرارة وهي صواعق تلك الدار ) كالقصر ) أي كل شرارة منها كأنها قصر مشيد من عظمها وقيل : هو الغليظ من الشجر، الواحدة قصر مثل جمر وجمرة، وهي اسم جنس جمعي لم يستعمل إلى في جمع فهو شامل لكثير الجموع وقليلها، وكذا كل ما فرق بين واحدة وجمعه التاء وليس بجمع لأنه ليس بجمع سلامة وهو ظاهر ولا تكسير لأن أوزانه معروفة وليس منها فعل وليس بجنس، فإنه لا يشمل ما دون الجمع ومن عظمة شرارها تعرف عظمة جمرها.
ولما شبهه في عظمه، شبهه في لونه فقال :( كأنه جملات ( جمع جمالة جمع


الصفحة التالية
Icon