صفحة رقم ٣٦٩
ولما كان الجواب ما ذكرته، أتبعه شرحه فقال منادياً بأداة صالحة للبعد لأن المنادى أدنى الأسنان بادئاً بالأولياء لأن آخر التطفيف الذي هذا شرح له إدخال السرور عليهم :( يا أيها الإنسان ) أي الآنس بنفسه الناسي لربه.
ولما كان أكثر الناس منكراً للبعث أكد فقال :( إنك كادح ) أي ساع وعامل مع الجهد لنفسك من خير أو شر، وأكثره مما يؤثر خدوشاً وشيناً وفساداً وشتاتاً، منتهياً ) إلى ربك ( الذي أوجدك ورباك بالعمل بما يريد معنىً وبالموت حساً، وأشار إلى اجتهاد كل فيما هو فيه وخلق له بالتأكيد بالمصدر فقال :( كدحاً ) أي عظيماً ) فملاقيه ) أي فمتعقب كدحك لقاؤك لربك، وأنه ينكشف لك أنك كنت في سيرك إليه كالمجتهد في لقائه اجتهاد من يسابق في ذلك آخر، ونكشف لك من عظيم أمره ما ينكشف للملاقي مع من يلقاه بسبب اللقاء وهذا أمر أنت ساع فيه غاية السعي لأن من كان الليل والنهار مطيتيه أوصلاه بلا شك إلى منتهى سفره شاء أو أبى، فذكر هذا على هذا النمط حث على الاجتهاد في الإحسان في العمل لأن من أيقن بأنه لا بد له من العرض على الملك أفرغ جهده في العمل بما يحمده عليه عند لقائه.
ولما كان من المعلوم أن عبيد الملك إذا عرضوا عليه، كان فيهم المقبول والمردود، بسبب أن كدحهم تارة يكون حسناً وتارة يكون سيئاً، قال معرفاً أن الأمر في لقائه كذلك على ما نعهد، فمن كان مقبولاً أعطي كتاب حسناته بيمينه لأنه كان في الدنيا من أهل اليمين أي الدين المرضي، ومن كان مردوداً أعطي كتابه بشماله لأنه كان في الدنيا مع أهل الشمال وهو الدين الباطل الذي يعمل من غير إذن المالك، فكأنه يفعل من ورائه، فترجم هذا الغرض بقوله سبحانه وتعالى مفصلاً للإنسان المراد المراد به الجنس من ورائه، فترجم هذا الغرض بقوله سبحانه وتعالى مفصلاً للإنسان المراد به الجنس جامعاً للضمير بعد أن أفرده تنصيصاً على حشر كل فرد :( فأما من أوتي ( بناه للمفعول إشارة إلى أن أمور الآخرة كلها قهر وفي غاية السهولة عليه سبحانه وتعالى، وفي هذه الدار لأمر وإن كان كذلك إلا أن الفرق في انكشاف ستر الأسباب هناك فلا دعوى لأحد ) كتابه ) أي صحيفة حسابه التي كتبتها الملائكة وهو لا يدري ولا يشعر ) بيمينه ( من أمامه وهو المؤمن المطيع ) فسوف يحاسب ) أي يقع حسابه بوعد لا خلف فيه وإن طال الأمد لإظهار الجبروت والكبرياء والقهر ) حساباً يسيراً ) أي سهلاً لا يناقض فيه لأنه كان سحاب نفسه فلا يقع له المخالفة إلا ذهولاً، فلأجل ذلك تعرض أعماله فيقبل حسنها ويعفو عن سيئها.
الإنشقاق :( ٩ - ١٥ ) وينقلب إلى أهله.....
) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً


الصفحة التالية
Icon