صفحة رقم ٣٩
أن أرضها في غاية بحيث إن ساكنها يجري في أراد نهراً، وإلى زيادة عظمتها أشارت قراءة نافع وابن عامر بنون العظمة.
ولما أفرد الشرط والجزاء إجراء على لفظ ( من ) إشارة إلى أ، ه لا يشترط في الإيمان ولا في جزائه مشاركة أحد، وأنه لا توقف للقبول على شيء غير الوصف المذكور، جمع الحال بشارة بأن الداخلين كثير، وأن الداخل إلى دار الكرامة لا يحصل له هوان بعد ذلك أصلاً فقال :( خالدين فيها ( وأكد معنى الخلود ليفهم الدوام بلا انقضاء فقال :( أبداً ( ولما أعلم أن الخلود لكل الداخلين إلى الجنة رجع إلى الأسلوب الأول تنصيصاً على كل فرد إبلاغاً في عظمة هذا الجزاء بقوله هذا الجزاء بقوله نتيجة لذلك، منبهاً على أن هذه النتيجة من حقها أن يتوقع قولها من كل من سمع هذه البشارى :( قد أحسن الله ) أي الملك الأعلى ذو الجلال والإكرام ) له ) أي خاصة ) رزقاً ) أي عظيماً عجيباً، قال القشيرين : الرزق الحسن ما كان على حد الكفاية لا نقصان فيه يتعطل عن أموره بسببه ولا زيادة تشغله عن الاستمتاع بما رزق لحرصه، كذلك أرزاق القلوب أحسنها أن يكون له من الأحوال ما يستقل بها عن غير نقصان ولا يتعذب بتعطشه ولا يكون زيادة فيكون على خطر من مغاليط لا يخرج منها إلا بتأييد من الله سماوي.
ولم تقدم أن فائدة الذكر النقل من خلق إلى خلق، وكان من المعلوم أن تحويل جبل من مكانه أيسر من تحيل شخص عن خلقه وشأنه، وتقدم أن أجر المجاهد في ذلك الجنات الموصوفة، وكان ذلك يحتاج إلى قدرة تامة، دل على قدرته سبحانه عليه بقوله :( الله ) أي الذي له جميع صفات الكمال التي القدرة الشاملة إحدها، ثم أخبر عنه بما يدل على ذلك لأن الصنعة تدل على الصانع وعلى ما له من الصفات فقال :( الذي خلق ) أي أوجد وحده من العدم بقدرته على وفق ما دبر بعلمه على هذا المنوال البديع القريب ) سبع سماوات ) أي وإنهم يشهاهدون عظمة ذلك ويشهدون أنه لا يقدر عليه إلا تام العلم كامل القدرة، ثم زاد على ذلك ما أنتم أعرف به فقال :( ومن الأرض مثلهن ) أي سبعاً كما دل عليه حديث سعيد بن زيد وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين ( من أخذ شبراً من الأرض بغير حقه طوقه من سبع أرضين ) ولفظ ابن عمر رضي الله عنهما : خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين، وقد تقدم في سورة السجدة ما ينفع في ذلك، وظاهره يدل على أنها كما هي مثلها في العدد فهي مثلها في