صفحة رقم ٤٨
ولما أورد ما صارتا حقيقيتين به بأداة الشك إقامة للسامع بين الخوف والرجاء من ذلك وهو أعلم مام يكون أكمل ذلك بذكر شق الخوف، فقال معلماً بأن الملك وأوليائه أنصار له ) وغن تظاهرا ( بالتشديد للإدغام في قراءة الجماعة لأن النظر هنا إن وقع كان على وجه الخفاء في أعمال الحيلة في أمر مارية رضي الله عنها والعسل وما يأتي من مثل ذلك ما يبعث عليه الغيرة ) عليه ) أي النبي ( ﷺ ) المنبأ من قبل الله بما يرفع قدره ويعلي ذكره، وقراءة الكوفيين بالتخفيف بإسقاط إحدى التاءين إشارة إلى سهولة أمر هذه المظاهرة وقلة أذاها له ( ﷺ ).
ولما كان المعنى كأنه لا يبالي بمظاهرة كما عبر عنه بعلته، فقال مؤكداً إعلاماً بأن حال المتظاهرين عليه حال المنكر لمضمون الكلام :( فإن الله ) أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له ) هو ) أي بنفسه الأقدس وحضرة غيب غيبه التي لا يقوم لما لها من العظمة شيء ) مولاه ) أي ناصره والمتولي من أمره ما يتولاه القريب الصديق القادر وكل من له وعي يعلم كفايته سبحانه في ذلك فهو يعمل أبلغ ما يعمله مولى مع من هو متول لأمره وفي معاونته لنبيه ( ﷺ ) إظهار لشرفه ومراعاة لحفظ خاطره وشرح لصدره.
ولما كانت النفوس لمبنى هذا الدار على حكمة الأسباب مؤكلة بها ناظرة أتم نظر إليها، وكان نساء النبي ( ﷺ ) لكثرة ما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة على لسان جبريل عليه الصلاة والسلام وكثر تردده إلى النبي ( ﷺ ) في بيوتهن ويعلمهن قد صار عندهن بذلك من الأسباب الظاهرة المألوفة، وكان هو أعظم أنصار النبي ( ﷺ ) قال :( وجبريل ( لأنه من أعظم الأسباب التي يقيمها الله سبحانه.
ولما كان الحامل على مظاهرته ( ﷺ ) على كل ما يريده الإيمان فكل ما كان الإنسان فيه أمكن كان له أشد مظاهرة وأعون قال :( وصالح المؤمنين ( اي الراسخين في رتبة الإيمان والصلاح من الإنس والجن وأبوهما رضي الله عنهما أعظم مراد بهذا، وقد روي أن عمر رضي الله عنه قال للنبي ( ﷺ ) : لو أمرتني لأضربن عنقها، والصالح وإن كان لفظه مفرداً فمعناه الجميع المستغرق لأنه للجنس، ودل على ذلك مع دلالة السياق إضافته للجمع ولعله عبر بالإفراد مع أن هذا المراد للإشارة إلى قلة المتصف بهذا جداً لقلة الراسخين في الصلاح من الراسخين في الإيمان فهو قليل من قليل وقد جوز بعضهم أن يكون جمعاً وأنه حذفت واؤه في الرسم على خلاف القياس وهي محذوفة في الوصل للالتقاء الساكنين، فظن لذلك مفرداً ودخل في ذلك جبريل عليه السلام أيضاً.
ولما كان الله سبحانه وتعالى قد أعطى الملائكة من القوى والتصرف في الظواهر.