صفحة رقم ٥٨
ولوط عليهما الصلاة والسلام ) فخانتاهما ( بعدم المتابعة في الدين نفاقاً منهما لا بالخيانة في الفرش، فقد صان الله جميع الأنبياء من ذلك فلم تقل واحدة منهما لأجل كفرهما : رب اجعلن مع نبيك في الجنة، وآذن بعدم قبول الشفاعة فيمن أساء إلى الحبيب وبعذابه حتماً للتشفي بقوله :( فلم ) أي فتسبب عن ذلك أن العبدين الصالحين لم ) يغنيا عنهما ) أي المرأتين بحق الزواج ) من الله ) أي من عذاب الملك الذي له الأمر كله فلا أمر لغيره ) شيئاً ) أي من إغناء لأجل خيانتهما بالمخالفة في الدين، ودل على كمال قدرته تعالى بالتعبير بالمجهول فقال :( وقيل أي للمرأتين ممن أذن له في القول النافذ الذي لا مرد له :( ادخلا النار ) أي مقدماتها من الإصرار على الكفر ثم الإهلاك بعذاب الانتقام في الدنيا وحقيقتها في الآخرة لأن الله أبغضهما لأنهما عدو لأوليائه، وذلك كما قيل : عدو صديقي ليس لي بصديق.
ولما فعلتا فعل الرجال في استقلالهما وعدم عدهما لأنفسهما تبعاً، غلظ عذابهما بالكون مع الرجال في عذابهم فقال دالاً على نفوذ الحكم فيمن هو أقوى منهما بعد نفوذه فيهما :( مع الداخلين ) أي الذين هم أعظم منهما ممن لهم وصلة بأهل الله وممن لا وصلة لهم بهم، فليتأدب كل أحد مع النبي ( ﷺ ) غاية الأدب خوفاً من مثل ذلك، وهذا خالع لقلوب من ابتدأ بتأديبهن - رضي الله تعالى عنهن.
التحريم :( ١١ - ١٢ ) وضرب الله مثلا.....
) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبَّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ( ( )
ولما أتم مثل النذارة بأن طاعة المطيع لا تنفع العاصي وإن كان أقرب الناس إلى المطيع إلا إن كان له أساس يصح البناء عليه، ويجوز الاعتداد به والنظر إليه، أتبعه مثل البشارة بأن عصيان العاصي لا يضر المطيع فقال :( وضر الله ) أي الملك الأعلى الذي له صفات الكمال ) مثلاً للذين آمنوا ( ولو كان في أدنى درجات الإيمان مبيناً لأن وصلة الكفار إذا كانت على وجه الإكراه والإجبار لا تضر ) امرأت فرعون ( واسمها آسية بنت مزاحم، آمنت وعملت صالحاً فلم تضرها الوصلة بالكافر بالزوجية التي هي من أعظم الوصل ولا نفعه إيمانها ) ) كل امرئ بما كسب رهين ( ) [ الطور : ٢١ ] وأثابها ربها سبحانه أن جعلها زوجة خير خلقه محمد ( ﷺ ) في دار كرامته بصبرها على عبادة


الصفحة التالية
Icon