وجاء في الكتاب العزيز: ﴿ ولا يلتفت منكم أحدٌ إلا امرأتك ﴾ (هود/٨١) أمروا بترك الالتفات بوجوههم لئلا يروا عظيم ما نزل بالكافرين من العذاب.
وجاء كذلك قوله تعالى: ﴿ أجئتنا لتلفتنا عمّا وجدنا عليه آباءنا ﴾ (يونس/ ٧٨) أي لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا من المعتقدات والأفعال.
وجاء في الحديث النبوي لفظ الالتفات بمعنى اللي والصرف – صرف الوجه يمنة ويسرة في الصلاة إلى جهة خارجها: فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سألت رسول الله - ﷺ - عن الالتفات في الصلاة، فقال: (هو اختلاسٌ يختلسهُ الشيطان من صلاة العبد) (بدر الدين محمود: ج ٥/ ٣١٠).
مما سبق نرى أنّ الالتفات بتراكيبه واستعمالاته المختلفة يدلُ على معنى الصرف واللي عن الجهة المستقيمة والطبيعية، وأكثر ذلك في الماديات، ثم أطلق بعد ذلك على الفن البلاغي المعروف كما سيأتي (خليفات: ص ٤).
المطلب الثاني: الالتفات في الاصطلاح:
كثرت تعاريف الالتفات عند العلماء (خليفات: ص ٤ – ٥) وأشهر التعريفات هي:
١. (أن يكون الشاعر في كلام فيعدل عنه إلى غيره قبل أن يتم الأول، ثم يعود إليه فيتمّه، فيكون فيما عدل إليه مبالغة في الأول وزيادة في حسنه) (البغدادي: ص ١١٠)، وهذا هو تعريف لفن بلاغي آخر يسمّى " الاعتراض".
٢. (التعبير عن المعنى بطريق من الطرق الثلاثة – أعني المتكلم والمخاطب والغيبة – بعد التعبير عنه بطريق آخر منها) (المدني: ج ١ / ٣٦٢). والتعريف الثاني هو لجمهور العلماء أمثال أبو حيان التوحيدي (أبو حيان: ج١/ ٢٤)، وابن أبي الإصبع المصري (المصري: ص ٤٥)، وبدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي(الزركشي ج٣ / ٣١٤-٣١٥)، وبهاء الدين السبكي(السبكي ج١/ ٤٦٣-٤٦٤). وهذا هو التعريف المختار للالتفات لسببين اثنين؛ الأول: أنّه تعريف المتقدمين والمتأخرين من العلماء، والثاني: أنّه تعريفٌ جامعٌ مانعٌ.
المطلب الثالث: أقسام الالتفات


الصفحة التالية
Icon