والعلاقة بين الأمن وبين الإيمان تتضح من نفس مبنى الكلمة في اللغة العربية، فإن الإيمان تتركب حروفه الأصلية من نفس الكلمة التي تتركب منها حروف الأمن، وهي الهمزة والميم والنون (أَمِنَ)، هذه المادة -مادة (أمن)- يشتق منها الإيمان، وتدل عليه كما تدل على الأمن، وتدل على مادة أخرى وهي (الأمانة) فنجد أن الأمانة والأمن والإيمان متقاربة في الاشتقاق في اللفظ، فهي متقاربة في المعنى وفي الدلالة، ويقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تأييداً لذلك: ﴿المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم ﴾ أو كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والأمانة يقول الله تبارك وتعالى فيها: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً [الأحزاب: ٧٢]، فما هذه الأمانة؟
هي نفس عبء وحمولة الإيمان بالله وعبادة الله تبارك وتعالى التي قال فيها في موضع آخر: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦]، فالأمانة هي مدلول الإيمان، وهي تشمل جميع الإيمان. (١)
فالأمن في الأوطان نتيجة للإيمان برب الأرباب، وكلام الله عز وجل يزيد أهل الإيمان إيماناكما قال الله تعالى؟إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللهُ وجِلت قلوبُهم وإذا تلِيت عليهم ءاياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكَّلون؟(٢)
المبحث الثاني: الآثار الإيمانية من كلام رب البرية٠
وفيه مطالب:
المطلب الأول: بيان إعجاز القرآن
(٢) …سورة الأنفال(٢)