إن كلام العزيز الحكيم به من الإعجاز ما يعجز عنه الوصف، فقد أودع الله في كل آية من آيات كتابه أسراراً لا تُحصى وعجائب لا تنقضي ومعجزاتٍ لا تنفد فكم من صناديد الشرك والوثنية من خالط قلبه الإيمان بمجرد أن سمع آيات الله تتلى، فهذا الصحابي الجليل الطفيل بن عامرالدوسي، اسلم بسما ع آيات من القرآن، وقد أورد القصة الإمام البيهقي عن ابن اسحاق قال: كان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث انه قدم مكة ورسول الله ﷺ بها فمشى اليه رجال من قريش وكان الطفيل رجلاً شريفاً شاعراً لبيباً فقالوا له إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا فرق جماعتنا وشتت أمرنا وإنما قوله كالسحر يفرق بين المرء وأبيه، وبين الرجل وأخيه، وبين الرجل وزوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما دخل علينا فلا تكلمه ولا تسمعن منه٠ قال فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت على ان لا أسمع منه شيئا ولا اكلمه حتى حشوت في اذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرق من ان يبلغني شيء من قوله فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله ﷺ قائم يصلي عند الكعبة فقمت قريبا منه فأبى الله إلا ان يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاماً حسناً، فقلت في نفسي إني لرجل لبيب شاعر ما يخفي علي الحسن من القبيح فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلت وإن كان قبيحا تركت فمكثت حتى انصرف إلى بيته فتبعته فقلت إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا فاعرض علي امرك فعرض علي الاسلام وتلا علي القرآن، فلا والله ما سمعت قولاً قط احسن منه ولا أمرا اعدل منه فأسلمت وقلت: يا نبي الله إني امرؤ مطاع في قومي وإني راجع إليهم فداعيهم إلى الاسلام، فادع الله ان يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فقال اللهم اجعل له آية فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية كداء وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت: اللهم في غير وجهي إني اخشى ان يظنوا انها مثلة وقعت في وجهي، فتحول فوقع في رأس


الصفحة التالية
Icon