سوطي كالقنديل المعلق ثم دعوت قومي الى الاسلام فابطأوا علي فجئت رسول الله ﷺ فقلت إن دوسا غلبتني فادع الله عليهم فقال اهد دوسا ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم فرجعت فلم أزل بأرض دوس أدعوهم حتى هاجر رسول الله ﷺ ثم قدمت عليه بخيبر بمن أسلم من قومي سبعين أو ثمانين بيتا من دوس" (١)
ومن تلك القصص قصة سما ع الوليد بن المغيرة للقرآن ووصفه إياه بوصف عظيم ولكنه عاند واستكبر فلم يسلم روى إسحاق بن راهويه بسنده عن ابن عباس: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله ﷺ، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم! إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا. قال: لم ؟ قال: ليعطوكه؛ فإنك أتيت محمدا لتَعرَّض ما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له، قال: وماذا أقول ؟ فوالله؛ ما منكم رجل أعرف بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه، ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن، والله؛ ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله؛ إن لقوله الذي يقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه. (٢)
فنعلم من هذه الرواية عظمة القرآن، والحق ما شهدت به الأعداء، فقد وصف الوليد كلام الله بوصفٍ جميل، فمن تأمل ذلك يعلم أثر القرآن على القلوب، فسبحان علام الغيوب، ، فهذا هو كتاب الله عزّ وجلّ يتحدى أرباب البلاغة والبيان في زمن نزوله فيعترفون بعجزهم عن الإتيان بمثله، ويدركون أن هذه البلاغة لايمكن لبشر أن يأتي بمثلهاـ إنها البلاغة التي كانت سبباً في إيمان الكثير من المشركين.

(١) …الخصائص الكبرى للسيوطي ج١/ص٢٢٥
(٢) …صحيح السيرة النبوية ص١٥٨


الصفحة التالية
Icon