يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في فضائل القرآن الكريم: لا يخفى على أولي الألباب أن المقصود بنزوله إتباعه والعمل فيه، إذ العاملون به هم الذين جعلوا أهله، وأن المطلوب من تلاوته تدبره، وفهم معانيه ولذلك أمر الله بترتيله والترسل فيه ليتجلى أنوار البيان من مشارق تبصرته، ويتحلى بآثار الإيمان من حقائق تذكرته، فإنه يشترك المؤمن والمنافق والمطيع والمارق في تلاوته وقراءته، كما يشمل جميع الناس بتبصرته وبيانه لإقامة حجته وإبانة برهانه، وإنما يفترقون في نفعه وثمراته وهداه ورحمته وشفائه وموعظته، فالاعتبار بقصصه وأمثاله والاستبصار لخدمه، وجلاله والأذكار بوعده ووعيده، والازدجار بحفظ حدوده، وإيثاره على كل ما سواه، فإنه كلام الله الذي أنزله على رسوله حضيره، قدسه لإقامة الدين الذي ارتضاه لنفسه، قال سبحانه : كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَOاتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ (سورة الأعراف الآية : من ٢ – ٣ )، وقال سبحانه : فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (سورة طه الآية : ١٢٣)، وقال تعالى : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (سورة البقرة الآية : ١٢١)، (ابن تيمية، ١٤١٤هـ: ٥٤).