أما سؤالك : كيف انتفع بالقرآن الكريم ؟ فقد أجاب عليه تلميذ ( شيخ الإسلام ابن تيمية ) العالم الرباني ( ابن القيم الجوزية ) : إذا أردت الانتفاع بالقرآن : فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم منه إليه ؛ فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله ﷺ، قال تعالى : إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (سورة قّ الآية : ٣٧)، وذلك تمام التأثير لما كان موقوفا على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد فقوله تعالى : إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى (سورة قّ الآية : ٣٧)، إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا، وهذا هو المؤثر. وقوله تعالى : لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ( سورة قّ الآية : ٣٧)، فهذا هو المحل المقابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى : إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ Oلِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً ( سورة يّس الآية : ٦٩ -٧٠ )، أي حي القلب.
وقوله : أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (سورة قّ الآية : ٣٧)، أي وجه سمعه، وأصغى إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام، وشهيد أي شاهد القلب، حاضر غير غائب.