فإذا حصل المؤثر وهو القرآن ؛ والمحل القابل، وهو القلب الحي ؛ ووجد الشرط وهو الإصغاء ؛ وانتفى المانع، وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر، حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر. ويضيف رحمه الله : فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معاني القرآن ؛ فيجدها كأنها قد كتبت فيه، فهو يقرؤها عن ظهر قلب. ومن الناس من لا يكون تام الاستعداد، واعي القلب، كامل الحياة ؛ فيحتاج إلى شاهد يميز له بين الحق والباطل، ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاء ( طهارة ) فطرته مبلغ صاحب القلب الحي الواعي ؛ فطريق حصول هدايته أن يفرغ سمعه للكلام، وقلبه لتأمله والتفكر فيه وتعقل معانيه ؛ فيعلم حينذ أنه الحق.
فالأول : حال من رأى بعينه ما دعي إليه وأخبر به.
والثاني : حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال يكفيني خبره ؛ فهو في مقام الإيمان، والأول مقام الإحسان.
هذا وقد وصل إلى علم اليقين وترقى قلبه منه إلى منزلة عين اليقين. وذاك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به في الإسلام.
فعين اليقين نوعان : نوع في الدنيا، ونوع في الآخرة. فالحاصل في الدنيا نسبته إلى القلب كنسبة الشاهد إلى العين. وما أخبرت به الرسل من الغيب يعاين في الآخرة بالأبصار، وفي الدنيا بالبصائر ؛ فهو عين يقين في المرتبتين (ابن القيم، ٢٠٠٤م: ٩-١١).
فهذا الانتفاع بالقرآن الكريم وآليته بعناصرها وشروطها، وإن تحققت لدى الإنسان فإنها ستثمر سعادة في نفسه وبهجة في قلبه، فيتحول ظلامه الداخلي، نورا يستضيء هو فيه، وغيره به.
وحتى تحقق حلقات تحفيظ القرآن أهدافها وتسهم في ضبط انفعالات طلابها لا بد من تعاون الأطراف التالية : إدارة الحلقة، والمعلم، والطالب وولي أمره أو أسرته. ونركز هنا على دور المعلم " والمشرف عليه " في تنمية شخصيات طلابه بجميع جوانبها المعرفية والمهارية والانفعالية الوجدانية.