أن النهى محمول على مَنْ يقول فى القرآن بظاهر العربية، ومن غير أن رجع إلى أخبار الصحابة الذى شاهدوا تنزيله، وأدُّوا إلينا من السنُن ما يكون بياناً لكتاب الله تعالى، وبدون أن يرجع إلى السماع والنقل فيما يتعلق بغريب القرآن، وما فيه من المبهامات. والحذف، والاختصار، والإضمار، والتقديم، والتأخير، ومراعاة مقتضى الحال، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وما إلى ذلك من كل ما يجب معرفته لمن يتكلم فى التفسير، فإنَّ النظر إلى ظاهر العربية وحده لا يكفى، بل لا بد من ذلك أولاً، ثم بعد ذلك يكون التوسع فى الفهم والاستنباط. (١)
و المراد - بالرأى - الرأى الذى يغلب على صاحبه من غير دليل يقوم عليه، فيكون القرآن تابعا لا متبوعا و محكوما لا حاكما و فرعا لا أصلا.
فمن قال في القرآن بمجرد رأيه فهو مخطئ و إن أصاب، و كلمة مجرد تفيدنا بأنه قال في القرآن بغير علم ولا أهلية و هو الذي يقصده حديث الرسول ﷺ : مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ، قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (٢)، فهو مخطئ و إن أصاب لأنه تكلف ما لا علم له به و سلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر، لكان قد أخطأ : لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر (٣).

(١) التفسير و المفسرون، ص ١١٤.
(٢) سنن الترمذي، باب تفسير القرآن عن رسول الله الحديث رقم ٢٨٧٤ من المكتبة الشاملة.
(٣) يوسف القرضاوي، كيف نتعامل مع القرآن، ٢١١


الصفحة التالية
Icon