تجارة عُبّاد الدّنيا بتضييع الأَعمال، فى استزادة الدرهم والدّينار: ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا﴾.
فى معاملة الخَلْق بالبيع والشِّرَى: ﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ﴾.
تجارة خواصّ العباد بالإِعراض عن كلّ تجارة دنيويّة: ﴿رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ﴾.
ولم يذكر التجارة التي في البقرة و التوبة لعلهما داخلتان في القسم الخامس، وهي التجارة الموجودة بين الناس من المعاملة في البيع و الشراء.
و من الأسباب التي مرت، نستطيع أن نجمع و نقول إن التجارة تنقسم إلى اتجاهين اثنين أو قسمين على وجه العموم، هما : التجارة بالمعنى الحقيقي وهي التي ذكرت في الرابع و الخامس، و التجارة بالمعنى المجازي وهي التي ذكرت في الأول و الثاني و الثالث.
و المعنى الحقيقي هي المبادلة بالشيئ كما تقدم في تعريف التجارة، أما المعنى المجازي فمفهوم من قوله تعالى في البقرة ﴿ فَمَا رَبِحَت تجارتهم ﴾ و ذكر التجارة هو للمجاز، لَمَّا استعمل الاشتراء في معاملتهم أتبعه ما يشاكله تمثيلاً لخسارتهم (١).
و مفهوم أيضا من قوله في سورة فاطر ﴿ يَرْجُونَ تجارة لَّن تَبُورَ ﴾ فالتجارة هنا مستعارة لأعمالهم من تلاوة وصلاة وإنفاق، ووجه الشبه مشابهة ترتب الثواب على أعمالهم بترتب الربح على التجارة. والمعنى : ليرجوا أن تكون أعمالهم كتجارة رابحة (٢). ﴿ تجارة ﴾ أي معاملة مع الله تعالى لنيل ربح الثواب على أن التجارة مجاز عما ذكر، وجعل بعضهم التجارة مجازاً عن تحصيل الثواب بالطاعة (٣).

(١) ناصر الدين أبو الخير عبدالله بن عمر بن محمد البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج ١ ص ٣٦ من موقع التفاسير www.altafsir.com
(٢) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ص ٤٧٩، من موقع التفاسير www.altafsir.com
(٣) الألوسي،


الصفحة التالية
Icon