و تطلق التجارة على جزاء الأعمال من الله على وجه المجاز (١)، ومنه قوله تعالى :﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢)﴾، وقوله في سورة فاطر: ﴿ يَرْجُونَ تجارة لَّن تَبُورَ ﴾(٣).
إذن الآيات التجارية في القرآن قسمان، قسم بمعنى التجارة الحقيقية من المبادلة بين الناس في معاملتهم اليومية، و قسم بمعنى التجارة مع الله تعالى، يعني التجارة المجازية. لأن التجارة في عرف الناس و عاداتهم هي كائنة بينهم فقط، ولم يتصوروا وجودها بين الخالق و المخلوق مع أن هناك وجه الشبه بين التجارتين حيث توجد المبادلة في كليهما. و الله أعلم.
و أود من هذا البحث كشف المزيد في البيان عن كلتي التجارة في القرآن، من حيث الرأسمال المطلوب و المرابح المرجوة، كما لا ننسى كيف تتم هاتان التجارتان ؟ ماهي الكيفية ؟ أسئلة كثيرة، نحاول الجواب عنها في الأبواب الآتية.
الفصل الرابع : سر استعمال كلمة التجارة في القرآن
السؤال هنا لماذا استعمل الله هذه الكلمة ( التجارة ) ؟ الجواب لمشابهة العمل الصالح التجارةَ في طلب النفع من ذلك العمل ومزاولته والكد فيه، ووصف التجارة بأنها تنجي من عذاب أليم في سورة الصف ﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ على تجارة تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٤)﴾ لقصد الصراحة بهذه الفائدة لأهميتها وليس الإِنجاء من العذاب من شأن التجارة فهو من مناسبات المعنى الحقيقي للعمل الصالح (٥).
(٢) الصف : ١٠
(٣) فاطر : ٢٩
(٤) الصف : ١٠
(٥) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج ١٥ ص ٦٧، من موقع التفاسير www.altafsir.com