فطوبى لكل مسلم و مؤمن تاجر سلعته إلى الله تعالى، طوبى له بالفوز العظيم و النجاح الحقيقي في الدنيا من النصر و الفتح القريب، و الفوز الأخروي بدخول الجنة التي تجري من تحتها الأنهار و بيوت جميلة طيبة يسكنها مع الحور العين و ذلك هو الفوز العظيم. و القول بوجوب التجارة مع الله مستدل بهذه الآية، لأن التجارة التي تنجي من العذاب هي الإيمان بالله مع تطبيقه في مجال الجهاد بالأموال و الأنفس و الإيمان بالله أمر واجب و هو من المعلوم في الدين بالضروروة، لذا قرأ ابن مسعود رضي الله عنه الآية بالأمر بدلا من المضارع أي ( آمنوا بالله و رسوله و تجاهدون إلخ.... ) (١)، و «تُؤمِنُونَ» عند المبرد(٢) والزجاج(٣) في معنى آمنوا (٤)، كما ذكر ابن عاشور مجيء ﴿ يغفر ﴾ مجْزوماً تنبيه على أن ﴿ تؤمنون ﴾ ﴿ وتجاهدون ﴾ وإن جاءا في صيغة الخبر فالمراد الأمرُ لأن الجزم إنما يكون في جواب الطلب لا في جواب الخبر(٥)، و قد علمنا أن الأصل في الأمر للوجوب.
و فسر ابن كثير: ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ أي: إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه، غفرت لكم الزلات، وأدخلتكم الجنات، والمساكن الطيبات، والدرجات العاليات (٦).
(٢) محمد بن يزيد بن عبد الأكبر المعروف بالمبرد، (ولد ٢١٠ هـ/٨٢٥ م) هو أحد العلماء الجهابذة في علوم البلاغة والنحو والنقد، عاش في العصر العباسي في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)
(٣) ابراهيم بن السري بن سهل الزجاج (أبو اسحاق) النحوي، اللغوي، المفسر.
(٤) تفسير القرطبي، ص ٥٦٠٠، من الشاملة.
(٥) ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج ١٥ ص ٦٧، من موقع التفاسير www.altafsir.com
(٦) أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، ج ٤ ص ٣٨٦