ومن جانب المادي فقد وعد الله تعالى للتجار معه مرابح كثيرة يحبها الإنسان فصلتها الآيات التي تليها، فأي إنسان عاقل لا يتطلع إلى هذه الأرباح ؟ و قد جاءت الآية بصيغة الاستفهام (هل )، والاستفهام مستعمل في العَرض مجازاً لأن العارض قد يسأل المعروضَ عليه ليعلم رغبته في الأمر المعروض كما يقال : هل لك في كذا؟ أو هل لك إلى كذا؟ والعرض هنا كناية عن التشويق إلى الأمر المعروض، وهو دلالته إياهم على تجارة نافعة (١).
فما هي هذه التجارة ؟ و كيف ؟ و ما مميزاتها ؟
الفصل الثاني : التجارة مع الله، وفيه مباحث :
المبحث الأول : التعريف
التجارة مع الله هي عمل العلماء الذين يخشون الله كما تناولت الآيتان من سورة فاطر : وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩)
فبعد أن ذكر سبحانه الذين يخشونه و هم العلماء، ذكر أعمالهم وهي : تلاوة كتابه، و إقامة الصلاة، و الإنفاق سرا و علنا. و هؤلاء العلماء زاولوا التجارة مع الله أي أطاعوا الله من أجل الثواب منه.