قال صاحب الكشاف : التجارة بمعنى طلب الثواب بالطاعة (١)، و معنى ﴿ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ أي: يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله (٢).
وهي التجارة التي لن تبور أي لن تخسر أو لن تكسد ولن تهلك. فالتجار مع الله هم أولياؤه المهتدون، ربحت تجارتهم أيما ربح، بخلاف المنافقين الذين خسروا، كما قال : أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (٣). قال ابن جرير : وتأويل ذلك أن المنافقين - بشرائهم الضلالةَ بالهدى- خسروا ولم يربحوا، لأن الرابح من التجّار: المستبدِلُ من سلعته المملوكة عليه بدلا هو أنفسَ من سلعته المملوكة أو أفضلَ من ثمنها الذي يبتاعها به. فأما المستبدِلُ من سلعته بدلا دُونها ودونَ الثمن الذي ابتاعها به، فهو الخاسر في تجارته لا شكّ. فكذلك الكافر والمنافق، لأنهما اختارَا الحيرة والعمى على الرشاد والهدى، والخوفَ والرعبَ على الحفظ والأمن، واستبدلا في العاجل: بالرَّشاد الحيرة، وبالهُدى الضلالةَ، وبالحفظ الخوفَ، وبالأمن الرعبَ - مع ما قد أعد لهما في الآجل من أليم العقاب وشديد العذاب، فخابا وخَسِرا، ذلك هو الخسران المبين (٤).
(٢) أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة بيروت لبنان، الطبعة الثانية، ١٤٠٧- ١٩٨٧، ج ٣ ص ٣٠١
(٣) البقرة : ١٦
(٤) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج ١ ص ١٧٣، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى ١٤١٢- ١٩٩٢.