فما أخسره من التجار و ما أجهله بالأرباح. و بين صاحب روح المعاني بأن المقصد الأصلي من الآية تصوير خسارهم بفوت الفوائد المترتبة على الهدى التي هي كالربح وإضاعة الهدى الذي هو كرأس المال بصورة خسارة التاجر الفائت للربح المضيع لرأس المال حتى كأنه هو على سبيل الاستعارة التمثيلية مبالغة في تخسيرهم ووقوعهم في أشنع الخسار الذي يتحاشى عنه أولو الأبصار (١).
و ذكر الرازي في تفسير آية الصف، وهو قوله تعالى :﴿ على تجارة ﴾ هي التجارة بين أهل الإيمان وحضرة الله تعالى، والتجارة عبارة عن معاوضة الشيء بالشيء، وكما أن التجارة تنجي التاجر من محنة الفقر، ورحمة الصبر على ما هو من لوازمه، فكذلك هذه التجارة وهي التصديق بالجنان والإقرار باللسان، كما قيل في تعريف الإيمان فلهذا قال : بلفظ التجارة، وكما أن التجارة في الربح والخسران، فكذلك في هذا، فإن من آمن وعمل صالحاً فله الأجر، والربح الوافر، واليسار المبين، ومن أعرض عن العمل الصالح فله التحسر والخسران المبين (٢).
هذا، و يتبين لنا أن التجارة مع الله هي الإيمان بالله مع فعل الطاعات من التلاوة و الصلاة و الصدقة - وهذه الثلاثة من أسباب الهداية - و الجهاد في سبيله بالمال و النفس مع الإخلاص كما أشار إليه تفسير القرطبي :﴿ يَرْجُونَ تجارة لَّن تَبُورَ ﴾ إشارة إلى الإخلاص، أي ينفقون لا ليقال إنه كريم ولا لشيء من الأشياء غير وجه الله، فإن غير الله بائر والتاجر فيه تجارته بائرة (٣). و قد صرح و أوضح الله سبحانه و تعالى هذه التجارة، فقال :

(١) روح المعاني، ج ١ ص ١٧٣ من الشاملة.
(٢) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب، ج ١٢ ص ٤٧٥ من موقع التفاسير www.altafsir.com
(٣) القرطبي،


الصفحة التالية
Icon