و دليل هذه السلعة قوله تعالى :... و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم... ، و تفسير الآية :﴿ وتجاهدون ﴾ المراد به تجمعون بين الإِيمان بالله ورسوله وبين الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم تنويهاً بشأن الجهاد. وفي التعبير بالمضارع إفادة الأمر بالدوام على الإِيمان وتجديده في كل آن، ، و أما ﴿ وتجاهدون ﴾ فإنه لإِرادة تجدّد الجهاد إذا استُنفِروا إليه (١). وقدّم ذكر الأموال على الأنفس؛ لأنها هي التي يبدأ بها في الإنفاق والتجهز إلى الجهاد (٢)، و في سورة التوبة قدم ذكر الأنفس على الأموال لأنها في معرض الاستبدال والعرض والطلب أو ما يسمى بالمساومة، فقدم النفس لأنها أعز ما يملك الحي، وجعل في مقابلها الجنة وهي أعز ما يوهب (٣).
والجهاد بعد هذين الوجهين ثلاثة، جهاد فيما بينه وبين نفسه، وهو قهر النفس، ومنعها عن اللذات والشهوات، وجهاد فيما بينه وبين الخلق، وهو أن يدع الطمع منهم، ويشفق عليهم ويرحمهم وجهاد فيما بينه بين الدنيا وهو أن يتخذها زاداً لمعاده فتكون على خمسة أوجه (٤) ( جهاد بالأموال، جهاد بالنفس، جهاد بينه و بين نفسه، جهاد بينه و بين الخلق، جهاد فيما بينه و بين الدنيا).

(١) تفسير ابن عاشور، ج ١٥ ص ٦٧ من الشاملة
(٢) فتح القدير، ج ٧ ص ٢١٦ من الشاملة
(٣) أضواء البيان، ج ٨ ص ٢٤٧
(٤) مفاتيح الغيب، ج ١٥ ص ٣٤١من الشاملة.


الصفحة التالية
Icon