هؤلاء التجار معه، كما دلت قوله (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ).
الوفاء أو توفية الأجور و الجزاء بأحسن مما عملوا، من قوله (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) و قوله (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) ﴿ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا ﴾ والمراد بأحسن ما عملوا: أعمالهم الحسنة الصالحة، لأنها أحسن ما عملوا، لأنهم يعملون المباحات وغيرها، فالثواب لا يكون إلا على العمل الحسن، كقوله تعالى: ﴿ لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ﴿ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ زيادة كثيرة عن الجزاء المقابل لأعمالهم، ﴿ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ بل يعطيه من الأجر ما لا يبلغه عمله، بل ولا تبلغه أمنيته، ويعطيه من الأجر بلا عد ولا كيل، وهذا كناية عن كثرته جدا (١). و يؤيده المربح التالي و هو :
مضاعفة الثواب و الأجور إلى سبعمئة ضعف، وهذا من قوله في البقرة :
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢).
و معنى الآية أن الله تعالى ضرب المثل لتضعيف الثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته، وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف (٣).
حقا إنها مرابح مغرية و شيقة لمن عرف و فهم حقيقة التجارة مع الله سبحانه و تعالى، فليبادر كل منا على الإقبال لهذه التجارة و تفضيلها من أي تجارة أخرى، فبها ينال الفوز العظيم و هو النجاح الحقيقي الذي يبحث عنه و يطلبه كل إنسان.
الفصل الثالث : التجارة مع الإنسان، وفيه مباحث :
المبحث الأول : الترغيب في التجارة
(٢) البقرة، ٢٦١
(٣) تفسير ابن كثير، ج ١ ص ٦٩١