و هذا من قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ.. ) و معناه أن تكون التجارة عن طريق الرّبا والقمار والبخس والظلم (١)، أو بأنواع المكاسب التي هي غير شرعية، كأنواع الربا والقمار، وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف الحيل، وإن ظهرت في غالب الحكم الشرعي مما يعلم الله أن متعاطيها إنما يريد الحيلة على الربا، و مثال تطبيق الآية كما روي عن ابن عباس في الرجل يشتري من الرجل الثوب فيقول: إن رضيته أخذته وإلا رددته ورددت معه درهما-قال: هو الذي قال الله عز وجل: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾(٢). ومِن أكل المال بالباطل بَيْعُ العُربَان؛ وهو أن يأخذ منك السلعة أو يكتَري منك الدابة ويعطيك درهماً فما فوقه، على أنه إن اشتراها أو ركب الدابة فهو من ثمن السلعة أو كِراء الدابة؛ وإن ترك ابتياع السلعة أو كِراء الدابة فما أعطاك فهو لك (٣).
(٢) تفسير ابن كثير،
(٣) تفسير القرطبي، ١٣٢٩، و في بعض الكتب سمي ببيع العربون، ذهب الجمهور إلى منعه لأن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع العربان. و قال أحمد بن حنبل : لا بأس ببيع العربان و دليله أن النبي سئل عن العربان في البيع فأحله، و قد أصبحت طربقة بيع العربون في عصرنا الحاضر أساسا للارتباط في التعامل التجاري الذي يتضمن التعهد بتعويض ضرر الغير عن التعطل و الانتظار، و رجح د. وهبة بجوازه عملا بالعرف. ( الفقه الإسلامي و أدلته، ٥ ص ٤٥٠.