فالتجارة عن تراض، هو ما كان على ما بيَّنه النبي ﷺ من تخيير كل واحد من المشتري والبائع في إمضاء البيع فيما يتبايعانه بينهما - أو نقضه بعد عقد البيع بينهما وقبل الافتراق - أو ما تفرقا عنه بأبدانهما عن تراض منهما بعد مُواجبة البيع فيه عن مجلسهما، وقال آخرون: بل التراضي في التجارة، تُواجب عقد البيع فيما تبايعه المتبايعان بينهما عن رضى من كل واحد منهما: ما مُلِّك عليه صاحبه وَملِّك صاحبه عليه، افترقا عن مجلسهما ذلك أو لم يفترقا، تخايرا في المجلس أو لم يتخايرا فيه بعد عقده (١)، و ذهب إلى هذا القول الحنفية و المالكية فالتراضي يحصل بمجرد صدور الإيجاب و القبول فيتحقق الالتزام من غير انتظار لآخر المجلس، و لم يأخذوا بالأحاديث الواردة في إثبات خيار المجلس لمنافاتها لعموم الآية (٢).
و الحديث على ثبوت خيار المجلس كثير منها : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ وَرُبَّمَا قَالَ أَوْ يَكُونُ بَيْعَ خِيَارٍ، و قوله عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا (٣).

(١) تفسير الطبري، ج ٦ ص ٥٦
(٢) الفقه الإسلامي و أدلته، ٥ ص ٢٥١
(٣) صحيح البخاري، ٧ ص ٢٥٣ و ٣٠٠


الصفحة التالية
Icon