ومعنى تقلب القلوب والأبصار فيه اضطرابها وتغيرها أنفسها فيه من الهول والفزع كما في قوله تعالى :﴿ وَإِذْ زَاغَتِ الابصار وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر (١)﴾ أو تغير أحوالها بأن تفقه القلوب ما لم تكن تفقه وتبصر الأبصار ما لم تكن تبصر أو بأن تتوقع القلوب النجاة تارة وتخاف الهلاك أخرى وتنظر الأبصار يميناً تارة وشمالاً أخرى لما أن أغلب أهل الجمع لا يدرون من أي ناحية يؤخذ بهم ولا من أي حهة يؤتون كتبهم.
وقيل : المراد تقلب فيه القلوب والأبصار على جمر جهنم وليس بشيء، و قيل : المراد بتقلب القلوب انتزاعها من أماكنها إلى الحناجر فلا ترجع إلى أماكنها، ولا تخرج، والمراد بتقلب الأبصار هو : أن تصير عمياء بعد أن كانت مبصرة. وقيل : المراد بتقلب القلوب أنها تكون متقلبة بين الطمع في النجاة، والخوف من الهلاك، وأما تقلب الأبصار فهو : نظرها من أيّ ناحية يؤخذون، وإلى أيّ ناحية يصيرون. وقيل : المراد تحوّل قلوبهم وأبصارهم عما كانت عليه من الشك إلى اليقين، ومثله قوله:﴿ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ (٢) ﴾. فما كان يراه في الدنيا غياً يراه في الآخرة رشداً وقيل غير ذلك (٣).
و الخلاصة في معنى ﴿ تَتَقَلَّبُ فيه القلوب والأبصار ﴾ ثلاثة أقوال.

(١) الأحزاب : ١٠
(٢) ق : ٢٢
(٣) روح المعاني، ج ١٣ ص ٤٤٧، و فتح القدير، ج ٥ ص ٥٥١


الصفحة التالية
Icon