وفي قوله (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) وجوه : الأول : المراد بالأحسن الحسنات أجمع، وهي الطاعات فرضها ونفلها، قال مقاتل : إنما ذكر الأحسن تنبيهاً على أنه لا يجازيهم على مساوىء أعمالهم بل يغفرها لهم. الثاني : أنه سبحانه يجزيهم جزاء أحسن ما عملوا على الواحد عشراً إلى سبعمائة، الثالث : المراد بذلك أن تكون الطاعات منهم مكفرة لمعاصيهم وإنما يجزيهم الله تعالى بأحسن الأعمال، وهذا مستقيم على مذهبه في الإحباط والموازنة. أما قوله تعالى :﴿ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ ﴾ فالمعنى أنه تعالى يجزيهم بأحسن الأعمال ولا يقتصر على قدر استحقاقهم بل يزيدهم من فضله على ما ذكره تعالى في سائر الآيات من التضعيف، فإن قيل فهذا يدل على أن لفعل الطاعة أثراً في استحقاق الثواب، لأنه تعالى ميز الجزاء عن الفضل وأنتم لا تقولون بذلك، فإن عندكم العبد لا يستحق على ربه شيئاً، قلنا نحن نثبت الاستحقاق لكن بالوعد فذاك القدر هو المستحق والزائد عليه هو الفضل ثم قال :﴿ والله يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ نبه به على كمال قدرته وكمال جوده ونفاذ مشيئته وسعة إحسانه، فكان سبحانه لما وصفهم بالجد والاجتهاد في الطاعة، ومع ذلك يكونون في نهاية الخوف، فالحق سبحانه يعطيهم الثواب العظيم على طاعاتهم، ويزيدهم الفضل الذي لا حد له في مقابلة خوفهم (١)، فيعطيه من الأجر ما لا يبلغه عمله، بل ولا تبلغه أمنيته، ويعطيه من الأجر بلا عد ولا كيل، وهذا كناية عن كثرته جدا (٢). فما أنعمه من نعمة و ما أروعه من أجور و أرباح وفقنا الله و إياكم إليها.
المطلب السابع : التحلي بالخلق الحسن.
(٢) تفسير السعدي،