هذا الخلق هو الجامع بين التجارة مع الله و التجارة مع الإنسان، ففي الأولى يراعي التاجر حقوق الله و السلع التي يبيعها إليه تعالى من الصلاة و الزكاة و الجهاد، أما في الثاني يراعي حقوق الناس المشترين منه، فلا يأكل أموالهم بالباطل و الظلم، بل أدى التجارة حاضرة و عن تراض بينهم ولا تشغلهم تجارتهم عن الحقوق المذكورة في التجارة مع الله سبحانه و تعالى. ومن الأخلاق التحلي بالصبر و الصدق و العدل في كلتي التجارة، فإن الخلق الحسن هو لوازم التجارة الناجحة الرابحة في الدنيا و الآخرة. قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١)، و قال أيضا : وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ، الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٢).
الباب الخامس : النتائج و التوصيات
هذا ما انتهى إليه الباحث في رحلته مع التجارة في القرآن، و في السطور القادمة، أهم النتائج التي توصل إليها الباحث، و هي :
القرآن منهاج الحياة، فمن رحمته تعالى علينا أن أنزله هدى و بصيرة، و هذا الهدي، يحصل عليه كل من تعامل مع القرآن حق المعاملة، من الإيمان به، و تكريمه بالطهارة و السجود عند بعض آياته، و تلاه أناء الليل و النهار مع التدبر الخالص الصادق، الباعث إلى ترجمة القرآن في نواحي الحياة.
التجارة من الأمور المهمة في الحياة، و قد ذكرها الله تعالى في القرآن تسع مرات، لأسرار لا يعلمها إلا هو. قال صاحبي عدد التسعة يوافق ما أثر عن النبي صلى الله عليه و سلم : تسعة أعشار الرزق في التجارة

(١) النحل : ٩٠
(٢) البقرة : ٤٥-٤٦


الصفحة التالية
Icon