ومما يتعلق في بحثنا عن التربية العقائدية للعسكريين أن حماية الدين ونصرته، لا تعني بالضرورة الظلم والتعدي على حقوق الآخرين، كما أنها لا تعني المخادعة والمكر. وقد نزلت آيات قرآنية توجه العسكريين بالتخلق بأخلاق أهل الإيمان، وتلزمهم بضوابط الشريعة.
ومن أبرز الأخلاق الإيمانية التي يلزم العسكري التعبد بها، ما يلي:
تحريم الظلم:
قال تعالى ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾(١) إن التوجيه الإلهي في هذه الآية للعسكريين بأن (لا تقتلوا وليدًا ولا امرأةً، ولا من أعطاكم الجزية من أهل الكتابَين والمجوس،"إنّ الله لا يُحب المعتدين" الذين يجاوزون حدوده، فيستحلُّون ما حرَّمه الله عليهم من قتل هؤلاء الذين حَرَّم قتلهم من نساء المشركين وذراريهم(٢).
ومن أقوى أسباب عدم تولي الولايات على الناس الظلم، ولهذا لما ابتلى نبي الله إبراهيم - ﷺ - بالإمامة، طلب من ربه أن تستمر الإمامة في ذريته، فقال الله له ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾(٣).
إن من معاني هذه الآية أن لا ينال الإمامة في الدين، من ظلم نفسه وضرها، وحط قدرها، لمنافاة الظلم لهذا المقام، فإنه مقام آلته الصبر واليقين، ونتيجته أن يكون صاحبه على جانب عظيم من الإيمان والأعمال الصالحة، والأخلاق الجميلة، والشمائل السديدة، والمحبة التامة، والخشية والإنابة، فأين الظلم وهذا المقام؟
ودل مفهوم الآية، أن غير الظالم، سينال الإمامة، ولكن مع إتيانه بأسبابها)(٤).
النفقة في الجهاد وتجهيز الغازي:

(١) سورة البقرة-آية(١٩٠).
(٢) تفسير السعدي-٧١.
(٣) سورة البقرة-آية(١٢٤).
(٤) تفسير الطبري-٢/٤٩٨.


الصفحة التالية
Icon