الإسلام يدرك الميل الفطري إلى القصة، ويدرك ما لها من تأثير ساحر على القلوب، فيستغلها لتكون وسيلة من وسائل التربية والتقويم.
وفي القرآن الكريم نجد استخدام كل أنواع القصة: القصة التاريخية الواقعية المقصودة بأماكنها وأشخاصها وحوادثها. والقصة الواقعية التي تعرض نموذجاً لحالة بشرية، فيستوي أن تكون بأشخاصها الواقعيين أو بأي شخص يتمثل فيه ذلك النموذج، والقصة التمثيلية التي لا تمثل واقعة بذاتها، ولكنها يمكن أن تقع في أية لحظة من اللحظات وفي أي عصر من العصور(١).
ومن نماذج القصص في القرآن واستخداماتها في التربية العقائدية، ما أخبر الله عن موسى وقومه وما وعدهم بنصر الله إذا دخلوا الأرض المقدسة فكان جواب القوم كما أخبر الله عنهم،﴿قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ﴾(٢). وقد قالوا هذه المقولة (جهلاً بالله عزّ وجل وبصفاته وكفراً بما يجب له، أو استهانة بالله ورسوله)(٣) فكانت العقوبة عليهم ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾
وكانت هذه القصة مؤثرة في الانقياد لأمر الله وأمر رسوله - ﷺ -، واستفاد الجنود الأوائل منها فلما كان يوم بدر قال المقداد رضي الله عنه: (يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى ﴿فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون﴾ ولكن امض ونحن معك فكأنه سري عن رسول - ﷺ -(٤).
التحرر من الدنيا وعوائقها:

(١) منهج التربية الإسلامية-محمد قطب-١/١٩٣-دار الشروق-الطبعة السادسة-١٤٠٢هـ
(٢) سورة المائدة-رقم (٢٤).
(٣) فتح القدير –الشوكاني-٢/٢٨-٢٩.
(٤) صحيح البخاري – كتاب تفسير القرآن-باب قوله (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون)


الصفحة التالية
Icon